للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوضحته فى الروضة، وفى كتاب الأذكار. وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة، إلا سببى ونسبى" (١) ، قيل: معناه أن أمته ينسبون إليه يوم القيامة، وأمم سائر الأنبياء لا تنسب إليهم، وقيل: يُنتفع يومئذ بالانتساب إليه ولا يُنتفع بسائر الأنساب. قال أصحابنا: ومن أستهان أو زنى بحضرته كفر، كذا قالوه، وفى الزنا نظر.

قال ابن القاص، والقفال، والمروزى: ومن الخصائص أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يؤخذ عن الدنيا عند تلقى الوحى، ولا يسقط عنه الصلاة ولا غيرها. ومنه أن من رآه فى المنام فقد رآه حقًا، فإن الشيطان لا يتمثل بصورته، ولكن لا يعمل بما يسمعه الراءى منه فى المنام فيما يتعلق بالأحكام إن خالف ما استقر فى الشرع؛ لعدم ضبط الرائى، لا للشك فى الرؤية؛ لأن الخبر لا يُقبل إلا من ضابط مطلف، والنائم بخلافه. ومنها أن الأرض لا تأكل لحوم الأنبياء للحديث المشهور.

ومنها قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن كذبًا علىَّ ليس ككذب على أحد" (٢)

) ، قال أصحابنا وغيرهم: فتعمد الكذب عليه من الكبائر، فإن استحله المتعمد كفر، وإلا فهو كسائر الكبائر لا يكفر بها. وقال الشيخ أبو محمد الجوينى والد إمام الحرمين: يكفر بذلك، والصواب الأول، وبه قطع الجمهور، والله أعلم.

واعلم أن هذا الضرب لا ينحصر، ولكن نبهنا بما ذكرناه على ما سواه، ولنختم الفصل بكلامين:

أحدهما: قال إمام الحرمين: قال المحققون: ذكر الخلاف فى مسائل الخصائص خبط لا فائدة فيه، فإنه لا يتعلق به حكم ناجز تمس الحاجة إليه، وإنما يجرى الخلاف فيما لا نجد بُدًا من إثبات حكم فيه، فإن الأقيسة لا مجال لها، والأحكام الخاصة تتبع فيها النصوص، وما لا نص فيه فالخلاف فيه هجوم على الغيب من غير فائدة.

الكلام الثانى: قال الصيمرى: منع أبو على بن خيران الكلام فى الخصائص؛ لأنه أمر انقضى. قال: وقال سائر أصحابنا: لا بأس به، وهو الصحيح؛ لما فيه من زيادة العلم، هذا كلام الأصحاب، والصواب الجزم بجواز ذلك، بل باستحبابه، ولو قيل بوجوبه لم يكن بعيدًا إن لم يمنع منه إجماع؛ لأنه ربما رأى جاهل بعض الخصائص ثابتًا فى الصحيح فعمل به أخذًا بأصل التأسى، فوجب بيانها


(١) حديث ابن عباس: أخرجه الطبرانى (١١/٢٤٣، رقم ١١٦٢١) .
حديث عمر: أخرجه الطبرانى فى الأوسط (٥/٣٧٦، رقم ٥٦٠٦) ، والبيهقى (٧/٦٤، رقم ١٣١٧٢) ، والضياء (١/١٩٧، رقم ١٠١) ، وقال: إسناده حسن. وأخرجه أيضًا: الطبرانى= = (٣/٤٥، رقم ٢٦٣٤) ، وأبو نعيم (٧/٣١٤) ، وقال: غريب. والديلمى (٣/٢٥٥، رقم ٤٧٥٥) .
حديث المسور: أخرجه الطبرانى (٢٠/٢٧، رقم ٣٣) .
(٢) حديث المغيرة بن شعبة: أخرجه أحمد (٤/٢٤٥، رقم ١٨١٦٥) ، والبخارى (١/٤٣٤، رقم ١٢٢٩) ، ومسلم (١/١٠، رقم ٤) .

حديث سعيد بن زيد: أخرجه البزار (٤/١٠٠، رقم ١٢٧٦) وأبو يعلى (٢/٢٥٧، رقم ٩٦٦) قال الهيثمى (١/١٤٣) : رواه البزار، وأبو يعلى، وله عندهما إسنادان أحدهما رجاله موثقون. والبغوى (٣/٦٤، رقم ٩٦٥) ، والضياء (٣/٢٨٦، رقم ١٠٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>