للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنا عنده، ودفن بعد العصر يوم الجمعة آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين، وقبره رحمه الله تعالى بمصر، عليه من الجلالة وله من الاحترام ما هو لائق بمنصب ذلك الإمام.

قال الربيع: رأيت فى النوم أن آدم، عليه السلام، مات، فسألت عن ذلك، فقيل: هذا موت أعلم أهل الأرض؛ لأن الله تعالى علم آدم الأسماء كلها، فما كان إلا يسير فمات الشافعى، رحمه الله، ورأى غيره ليلة مات الشافعى قائلاً يقول: الليلة مات النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وحزن الناس لموته الحزن الذى يوازى رزيتهم به.

فصل

نشأ الشافعى، رضى الله عنه، يتميًا فى حجر أمه فى قلة عيش وضيق حال، وكان فى صباه يجالس العلماء، ويكتب ما يستفيده فى العظام ونحوها؛ لعجزه عن الورق، حتى ملأ منها حبابًا. عن مصعب بن عبد الله الزبيرى، قال: كان الشافعى، رحمه الله، فى ابتداء أمره يطلب الشعر وأيام العرب والأدب، ثم أخذ فى الفقه. قال: وكان سبب أخذه فيه أنه كان يسير يومًا على دابة له وخلفه كاتب لأبى، فتمثل الشافعى ببيت شعر، فقرعه كاتب أبى بسوطه، ثم قال له: مثلك يذهب بمروءته فى مثل هذا، أين أنت من الفقه؟! فهزه ذلك، فقصد مجالسة مسلم بن خالد الزنجى مفتى مكة، ثم قدم علينا، يعنى المدينة، فلزم مالكًا، رحمه الله.

وعن الشافعى، قال: كنت أنظر فى الشعر، فارتقيت عقبة بمنى، فإذا صوت من خلفى: عليك بالفقه. وعن الحميدى قال: قال الشافعى: خرجت أطلب النحو والأدب، فلقينى مسلم بن خالد الزنجى، فقال: يا فتى، من أين أنت؟ قلت: من أهل مكة، قال: أين منزلك؟ قلت: بشعب الخيف، قال: من أى قبيلة أنت؟ قلت: من عبد مناف، فقال: بخ بخ، لقد شرفك الله فى الدنيا والآخرة، ألا جعلت فهمك هذا فى الفقه فكان أحسن لك؟!.

<<  <  ج: ص:  >  >>