حنيفة: أمير المؤمنين على كفارة أيمانه أقدر منى على كفارة أيمانى، فأمر به إلى السجن فى الوقت. والصحيح أنه توفى وهو فى السجن.
وبإسناده عن معتب، قال: قال خارجة بن يزيد: دعا أبو جعفر المنصور أبا حنيفة إلى القضاء فأبى عليه فحبسه، ثم دعا به، فقال: أترغب عما نحن فيه؟ فقال أبو حنيفة: أصلح الله أمير المؤمنين، لا أصلح للقضاء، فقال له: كذبت، ثم عرض عليه الثانية، فقال أبو حنيفة: قد حكم علىَّ أمير المؤمنين أنى لا أصلح للقضاء لأنه نسبنى إلى الكذب، فإن كنت كذَّابًا فلا أصلح للقضاء، وإن كنت صادقًا فقد أخبرت أمير المؤمنين أنى لا أصلح، فردَّه فى الحبس.
وبإسناده عن الربيع بن يونس، قال: رأيت أمير المؤمنين المنصور ينازل أبا حنيفة فى أمر القضاء، وهو يقول: اتق الله ولا تشرك فى أمانتك إلا مَن يَخاف الله، والله ما أنا مأمون الرضا، فكيف أكون مأمون الغضب، ولا أصلح لذلك، فقال له: كذبت، أنت تصلح، فقال: قد حكمت على نفسك، فكيف يحل لك أن تولى قاضيًا على أمانتك وهو كَذَّاب. وقيل: إنه قعد فى القضاء يومين، وبعض الثالث، فلما كان أبو حنيفة بعد يومين اشتكى، فمرض ستة أيام، ثم توفى.
وقال أبو نعيم: كان أبو حنيفة حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، حسن المجلس، كثير الكرم، حسن المواساة لإخوانه. وقال أبو يوسف: كان أبو حنيفة ربعة من الرجال، ليس بالقصير ولا بالطويل، وكان أحسن الناس منطقًا، وأحلاهم نغمة، وأنبههم على ما تريد.
وقال محمد بن جعفر بن إسحاق بن عمرو بن حماد بن أبى حنيفة: كان أبو حنيفة طوالاً، تعلوه سمرة، وكان لباسًا، حسن الهيئة، كثير التعطر، يُعرف بريح الطيب إذا أقبل وإذا خرج من منزله.
وقال أبو حنيفة: قدمت البصرة وظننت أنى لا أُسأل عن شىء إلا أجبت فيه، فسألونى عن أشياء لم يكن عندى فيها جواب، فجعلت على نفسى أن لا أفارق حمادًا حتى يموت، فصحبته ثمانى عشرة سنة.
وقال أبو حنيفة: ما صليت صلاة منذ مات حماد إلا استغفرت له مع والدى، وإنى لأستغفر لمن تعلمت منه علمًا أو علمته علمًا.
وقال أبو حنيفة: دخلت على أبى جعفر أمير المؤمنين، فقال لى: يا أبا حنيفة، عن مَن أخذت العلم؟ فقلت: