للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتابه تبيانًا لكل شىء. وقال تعالى: {مَّا فَرَّطْنَا فِى الكِتَابِ مِن شَىْءٍ} [الأنعام: ٣٨] ، إلا أن البيان ضربان، بيان جلى تناوله القرآن نصًا، وبيان خفى تناوله القرآن ضمنًا، وكان تفصيل بيانه موكولاً إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو معنى قوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: ٤٤] ، فمن جمع الكتاب والسنة فقد استوفى نوعى البيان، وقد جمع أبو داود فى كتابه هذا من الحديث فى أصول العلم وأمهات السنن وأحكام الفقه ما لا نعلم متقدمًا سبقه إليه، ولا متأخرًا لحقه فيه.

قال الخطابى: واعلموا رحمكم الله أن كتاب السنن لأبى داود كتاب شريف، لم يُصَنَّف فى حكم الدين كتاب مثله، وقد رزق القبول من الناس كافة، فصار حَكمًا بين فرق العلماء، وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، وعليه معول أهل العراق ومصر والمغرب وكثير من أقطار الأرض، وكان تصنيف علماء الحديث قبل أبى داود الجوامع والمسانيد ونحوها، فيجمع تلك الكُتب مع السنن والأحكام أخبارًا وقصصًا ومواعظ وآدابًا، فأما السنن المحضة فلم يقصد أحد منهم جمعها واستيفاءها، ولم يقدر على تلخيصها واختصار مواضعها من أثناء تلك الأحاديث الطويلة كما حصل لأبى داود، ولهذا حل كتابه عند أئمة أهل الحديث وعلماء الأثر محل العجب، فضربت فيه أكباد الإبل، ودامت إليه الرحل.

وروينا عن المحسن بن محمد إبراهيم الواذارى، قال: رأيت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى المنام، فقال: من أراد أن يتمسك بالسنن فليقرأ كتاب أبى داود. ومناقب أبى داود وكُتبه كثيرة مشهورة، وفيما أشرت إليه كفاية. ولد أبو داود سنة ثنتين ومائة، وتوفى بالبصرة لأربع عشرة بقيت من شوال سنة خمس وسبعين ومائتين، رحمه الله.

٧٧٨ - أبو دجانة الصحابى، رضى الله عنه (١) :

بضم الدال، واسمه سماك بن خرشة، وقيل: سماك بن أوس بن خرشة بن كوذان ابن عبدود بن زيد بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأكبر الأنصارى الخزرجى الساعدى. من رهط سعد بن عبادة، يجتمعان فى طريف، شهد بدرًا مسلمًا، وكان من الأبطال الشجعان المعروفين، ودافع عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أُحُد، وشهد اليمامة، وله مشاركة


(١) انظر: الإصابة (٤/٢٥٢، ١١/١١٢) ، والاستيعاب (٤/٢٥٣) ، وأسد الغابة (٢/٤٥١) ، وطبقات ابن سعد (٣/٥٥٦) ، والوافى بالوفيات (١٥/٤٤٩) ، وسير أعلام النبلاء (١/٢٤٣) (٣٩) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>