للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الفربرى، وهى أجل الروايات لجلالة أبى زيد.

قال الحاكم: وسمعت أبا بكر البزار يقول: عادلت أبا زيد من نيسابور إلى مكة، فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة. وقال الشيخ أبو إسحاق فى طبقاته: كان الشيخ أبو زيد زاهدًا، حافظًا للمذهب، حسن النظر، مشهورًا بالزهد، وهو صاحب أبى إسحاق المروزى، وتفقه عليه أبو بكر القفال المروزى، وفقهاء مرو.

قال: وتوفى بمرو سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. وقال إمام الحرمين فى باب التيمم من النهاية: كان أبو زيد من أذكى الأئمة قريحة. وروى الإمام الحافظ أبو سعد السمعانى بإسناده عن الشيخ أبى زيد المروزى، قال: كنت نائمًا بين الركن والمقام، فرأيت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى المنام، فقال: يا أبا زيد، إلى متى تدرس كتاب الشافعى ولا تدرس كتابى؟ فقلت: يا رسول الله، وما كتابك؟ قال: جامع محمد بن إسماعيل، يعنى صحيح البخارى، رضى الله عنه.

قال الحاكم: فقدم أبو زيد نيسابور غير مرة، منها لغزوة الروم، ومنها قدمت الخامسة متوجهًا إلى الحج فى شعبان سنة خمس وخمسين وثلاثمائة. قال: وسمع أبو زيد بمرو من أصحاب على بن حجر، وعلى بن خشرم، وأقرانهم، وأكثر الرواية عن أبى بكر المنكدرى. وتوفى بمرو فى رجب سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة.

قال الحاكم: سمعت أبا الحسن محمد بن أحمد الفقيه، يقول: سمعت أبا زيد المروزى يقول: لما عزمت على الرجوع من مكة إلى خراسان، تقسى قلبى بذلك، وقلت: متى يكون هذا والمسافة بعيدة، والمشقة لا أحتملها، وقد طعنت فى السن، فرأيت فى المنام كأن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قاعدًا فى المسجد الحرام وعن يمينه شاب، فقلت: يا رسول الله، قد عزمت على الرجوع إلى خراسان والمسافة بعيدة، فالتفت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الشاب، وقال: يا روح الله، اصحبه إلى وطنه، فأريت أنه جبريل، عليه السلام، فانصرفت إلى مرو، ولم أحس شيئًا من مشقة السفر، وبالله التوفيق.

٧٩١ - أبو زيد الأنصارى النحوى اللغوى (١) :

صاحب الشافعى، وشيخ أبى عبيد القاسم بن سلام، هو الإمام أبو زيد سعيد بن أوس بن ثابت الأنصارى الإمام فى النحو واللغة. قال الخطيب فى تاريخ بغداد: حدَّث عن شعبة، وإسرائيل، وأبى عمرو، وابن العلاء المازنى. روى عنه أبى عبيد القاسم بن سلام، ومحمد بن سعد كاتب الواقدى، وأبو حاتم السجستانى، وأبو زيد عمرو بن شبة، وأبو حاتم الرازى، وأبو العيناء محمد بن القاسم، وغيرهم.

قال الخطيب: وكان ثقة، ثبتًا من أهل البصرة، وقدم بغداد. ثم ذكر الخطيب بإسناده عن أبى عثمان المزانى، قال: كنا عند أبى زيد فجاء الأصمعى، فأكب على رأسه، وجلس وقال: هذا عالمنا ومعلمنا منذ ثلاثين سنة، فبينا نحن كذلك إذ جاء خلف الأحمر فأكب على رأسه وجلس وقال: هذا عالمنا ومعلمنا منذ عشرين سنة.

وسُئل الأصمعى وأبو عبيدة عنه، فقالا معًا: ما شئت من عفاف وتقوى وإسلام. وقال صالح بن محمد الحافظ: أبو زيد ثقة. توفى سنة خمسة


(١) انظر: الجرح والتعديل (٤/٤، ٥) ، وتهذيب الكمال (١٠/٣٣٠ - ٣٣٧) ، وميزان الاعتدال (٢/١٢٦، ١٢٧) ، وتهذيب التهذيب (٤/٣ - ٥) ، وتقريب التهذيب (١/٢٩١) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>