أحمد بن عثمان الهمذانى يقول: كان عبد العزيز بن عبد الله الداركى إذا جاءته مسألة يستفتى فيها تفكر طويلاً، ثمن أفتى فيها، وربما كان فتواه خلاف مذهب الشافعى وأبى حنيفة، فيقال له فى ذلك، فيقول: ويحكم حدَّث فلان عن فلان عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكذا وكذا، والأخذ بالحديث عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أولى من الأخذ بقول الشافعى وأبى حنيفة إذا خالفاه، أو كما قال.
وتوفى الداركى ليلة الجمعة لثلاث عشرة خلون من شوال سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، ودفن يوم الجمعة فى الشونيزية، وهو ابن نيف وسبعين سنة، وقيل: توفى فى ذى القعدة من هذه السنة، والصحيح أنه توفى فى شوال، ومن غرائب الداركى أنه قال: لا يجوز السلم فى الدقيق، حكاه الرافعى، والمشهور الجواز.
٨٤٦ - أبو القاسم الرافعى:
تكرر فى الروضة. هو الإمام أبو القاسم عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم بن الفضل القزوينى الإمام البارع المتبحر فى المذهب، وعلوم كثيرة. قال الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح، أظن أنى لم أر فى بلاد العجم مثله. قال: وكان ذا فنون، حسن السيرة، جميل الأثر، صَنَّف شرحًا كبيرًا للوجيز فى بضعة عشر مجلدًا، لم يُشَرح الوجيز بمثله. قال: بلغنا بدمشق وفاته فى سنة أربع وعشرين وستمائة، وكانت وفاته فى أوائلها أو فى أواخر السنة التى قبلها بقزوين.
قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عمرو بن أبى بكر الصفار الإسفراينى فى أربعين خَرَّجها: شيخنا إمام الدين حقًا، وناصر السنة صدقًا، أبو القاسم بن عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الرافعى القزوينى، رضى الله عنه، كان أوحد عصره فى العلوم الدينية أصولها وفروعها، ومجتهد زمانه فى مذهب الشافعى، رضى الله عنهما، وفريد وقته فى تفسير القرآن والمذهب، وكان له مجلس للتفسير، وتسميع الحديث بجامع قزوين، صَنَّف شرح مسند الشافعى، وأسمعه سنة تسع عشرة وستمائة، وشرح الوجيز، ثم صَنَّف أوجز منه، ووقعا موقعًا عظيمًا عند الخاصة والعامة، وصَنَّف كثيرًا.
وكان زاهدًا، ورعًا، متواضعًا، سمع الحديث الكثير، وتوفى حدود سنة ثلاث وعشرين