إدريس. وقال على الرازى: حج بشر المريسى، فلما قدم قيل له: من لقيت بمكة؟ قال: رأيت رجلاً إن كان منكم فلم تغلبوا، وإن كان عليكم فتأهبوا وخذوا حذركم، وهو محمد بن إدريس الشافعى.
وقال المريسى: مع الشافعى نصف عقل أهل الدنيا. وقال: ما رأيت أعقل من الشافعى. وقال: ما رأيت أمهر من الشافعى. وقال: رأيت بمكة فتى لئن بقى ليكونن رجل الدنيا. وقال المزنى: لو كنا نفهم عن الشافعى كل ما قاله لأتيناكم بصنوف العلم، وأى علم كان يذهب على الشافعى، ولكن لم نكن نفهم فقصرنا وعاجله الموت.
وقال الربيع: لو رأيتم الشافعى لقلتم: ما هذه كتبه، كان والله لسانه أكبر من كتبه. وقال حرملة: كان أبى قد رتب لى كاتبًا، وقال للكاتب: اكتب كل ما تكلم به الشافعى. وقال داود بن على الظاهرى: كان الشافعى، رضى الله عنه، سراجًا لحملة الآثار ونقلة الأخبار، ومن تعلق بشىء من بيانه صار محجاجًا.
قال داود: ومن فضائل الشافعى حفظه لكتاب ربه، وجمعه للسنن وآثار الصحابة، ومعرفته بأقسام الخطاب، وتقديمه ذلك على الرأى، وكشفه عن المخالفين، وما أبطله من زيوفهم، وقذف به على باطلهم فدمغه، ثم ما بين من الحق الذى سهل له بتوفيق خالقه معرفته، حتى استطال به من لم يكن يميز، وألفوا الكتب وناظروا المخالفين، ثم ما من الله تعالى به عليه من منطقه الذى لا يدانى فيه، وما وقاه من شح نفسه، فأولئك هم المفلحون، وسماحته، وجوده، وجميل سيرته، وورعه، ونسبه.
ثم ساق الكلام إلى أن قال: وما علمت أحدًا كان فى عصره أمن على الإسلام منه؛ لما نشر من الحق، وقمع من الباطل، وأظهر من الحجج، وعلم من الخير، رحمة الله ورضوانه عليه، وشكر الله له جميع ذلك، وجمع بيننا وبين نبينا محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والصالحين من عباده وبينه فى جنته مع جميع الأحبة، إنه لطيف خبير. وقال داود: كنت عند أبى ثور، فدخل رجل، فقال: يا أبا ثور، ما ترى هذه المصيبة النازلة بالناس؟ قال: ما هى؟ قال: يقولون: الثورى أفقه من الشافعى، فقال: سبحان الله العظيم، أوقالوها؟ قال: نعم، قال: نحن نقول: الشافعى أفقه من إبراهيم النخعى وذويه، وجاءنا هذا بالثورى.
وقال إبراهيم الحربى: قدم الشافعى بغداد وفى الجامع الغربى عشرون حلقة لأصحاب الرأى، فلما كان فى الجمعة لم يثبت منها