رحمه الله، ولد بعد صلاة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر شوال سنة أربع وتسعين ومائة، وأنه توفى ليلة السبت عند صلاة العشاء ليلة عيد الفطر، ودفن يوم الفطر بعد الظهر سنة ست وخمسين ومائتين، ودفن بخرتنك، قرية على فرسخين من سمرقند. وروينا من أوجه، عن الحسن بن الحسين البزاز، بزاءين، قال: رأيت محمد بن إسماعيل البخارى نحيف الجسم، ليس بالطويل ولا بالقصير. وهذه نبذة من عيون أخباره أشير إليها بأقرب الإشارات، وهى عندى بأسانيدها المهذبات المشهورات:
روينا عنه أنه قال: أما المادح والذام عندى سواء. وقال: أرجو أن ألقى الله عز وجل ولا يطالبنى أنى اعتبت أحدًا. وقال: ما اشتريت منذ وليت من أحد بدرهم، ولا عت أحدًا شيئًا، فسُئل عن الورق والحبر، فقال: كنت آمر إنسانًا أن يشترى لى.
وروينا عن أبى عبد الله محمد بن يوسف الفربرى راوية صحيح البخارى، قال: رأيت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى النوم، فقال: أين تريد؟ قلت: أريد محمد بن إسماعيل البخارى، فقال: أقرئه منى السلام.
وروينا عن الفربرى، قال: رأيت أبا عبد الله محمد بن إسماعيل البخارى، رحمه الله، فى النوم خلف النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والنبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يمشى، كلما رفع قدمه وضع البخارى قدمه فى ذلك الموضع.
وعن محمد بن حمدويه، قال: سمعت محمد بن إسماعيل البخارى يقول: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتى ألف حديث غير صحيح.
وروينا عن الإمام أحمد بن حنبل، قال: ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل. وعنه قال: انتهى الحفظ إلى أربعة من أهل خراسان: أبو زرعة الرازى، ومحمد بن إسماعيل البخارى، وعبد الله بن عبد الرحمن السمرقندى، يعنى الدارمى، والحسن بن شجاع البلخى.
وعن الحافظ أبى على صالح بن محمد بن جزرة، قال: ما رأيت خراسانيًا أفهم من البخارى. وعنه قال: أعلمهم بالحديث البخارى، وأحفظهم أبو زرعة، وهو أكثرهم حديثًا.
وعن محمد بن بشار شيخ البخارى ومسلم، قال: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالرى، ومسلم بن الحجاج بنيسابور، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمى بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل ببخارى. وعنه قال: ما قدم علينا، يعنى البصرة، مثل البخارى. وعنه أنه قال حين دخل البخارى البصرة: دخل اليوم سيد الفقهاء.