للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعتك تقول: ما أتيت شيئًا بغير علم قط منذ عقلت، فأى علم فى هذا الاستلقاء؟ فقال: أتعبنا أنفسنا فى هذا اليوم، وهذا ثغر خشيت أن يحدث حدث فى أمر العدو، فأحببت أن أستريح وآخذ أهبة ذلك، فإن غافصنا (١) عدو كان بنا حراك، فهذه الحكاية وإن اشتملت على نفائس مقصودى فيها التنبيه على قوله: ما أتيت شيئًا بغير علم.

فهذه أحرف من عيون مناقبه وصفاته، ودرر شمائله وحالاته، أشرت إليها إشارات لكونها من المعروفات الواضحات، ومناقبه لا تستقصى؛ لخروجها عن أن تحصى، وهى منقسمة إلى حفظ، ودراية، واجتهاد فى التحصيل، ورواية، ونسك، وإفادة، وورع، وزهادة، وتحقيق، وإتقان، وتمكن، وعرفان، وأحوال، وكرامات، وغيرها من أنواع المكرمات، ويوضح ذلك ما أشرت إليه من أقوال أعلام المسلمين أولى الفضل والورع، والدين، والحفاظ والنقاد المتقنين، الذين لا يجازفون فى العبارات، بل يتأملونها ويحررونها، ويحافظون على صيانتها أشد المحافظات، وأقاويلهم بنحو ما ذكرته غير منحصرة، وفيما أشرت إليه أبلغ كفاية للمستبصر، رضى الله عنه وأرضاه، وجمع بينى وبينه وجميع أحبابنا فى دار كرامته مع من اصطفاه، وجزاه عنى وعن سائر المسلمين أكمل الجزاء، وحباه من فضله أبلغ الحباء.

٤ - محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن سعيد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب القريشى التيمى المدن (٢) :

أبو عبد الله، مذكور فى مختصر المزنى فى أول الاعتكاف، وهو تابعى جليل، سمع ابن عمر، وأنسًا، رضى الله عنهم، وسمع جماعات من التابعين، منهم علقمة بن وقاص، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وإبراهيم بن عبد الله بن حسين، وعروة بن الزبير، وعطاء ابن يسار، وآخرون. روى عنه جماعات من التابعين، منهم يحيى بن سعيد الأنصارى، ويحيى بن أبى كثير، ويزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، والزهرى، ومحمد بن إسحاق، وابن عجلان، وآخرون، وهو ثقة بالاتفاق.

روى له البخارى ومسلم فى صحيحيهما، وهو


(١) غافصنا: معناه بالغين المعجمة: فاجأنا العدو وأخذنا على غرة منا. وبالعين المهملة معناه: صارعنا..
(٢) انظر: الجرح والتعديل (٧/١٨٤) ، والثقات لابن حبان (٥/٣٨١) ، والتاريخ الكبير (١/٢٢، ٢٣) ، والضعفاء الكبير برقم (١٥٧٤) ، وسير أعلام النبلاء (٥/٢٩٤ - ٢٩٦) برقم (١٤٠) ، والمغنى فى الضعفاء (٢/٥٤٤) ، وتهذيب التهذيب (٩/٥ - ٧) ، وتقريب التهذيب (٢/١٤٠) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>