للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له ذكر في القرآن العزيز إلا في قوله تعالى: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} (النساء: من الآية٢٤) قالوا: معناه مصيبين بالنكاح لا بالزنا، وأما الأربعة الباقية فمذكورة في الكتاب العزيز، فأما الإحصان في المقذوف فهو المراد بقول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} (النور: من الآية٤) وفي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} (النور: من الآية٢٣) الإحصان بمعنى الحرية فهو المراد بقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (المائدة: من الآية٥) وفي قوله تعالى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} (النساء: من الآية٢٥) أما الإحصان بمعنى التزويج فهو المراد بقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} إلى قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (النساء: من الآية٢٤) وأما الإحصان بمعنى الإسلام فهو المراد بقوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} (النساء: من الآية٢٥) .

واختلف العلماء في المراد بأحصن هذا، فقيل: أسلمن، وقيل: تزوجن، وقد قرىء بفتح الهمزة وضمها قراءتان في السبع. قال الواحدي: من ضمها فمعناه أحصن بالآزواج أي: تزوجن، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة رحمهم الله تعالى. ومن فتحها فمعناه أسلمن كذا، قاله ابن عمر وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم والشعبي وإبراهيم والسدي رحمهم الله تعالى.

فأما شرط المحصن الذي يرجم في الزنا: فهو البالغ العاقل الحر الواطىء في نكاح صحيح في حال تكليفه وحريته، وأما المحصن الذي يجلد قاذفه ثمانين جلدة: فهو البالغ العاقل الحر المسلم العفيف، وإن شئت قلت في الموضعين: المكلف بدلا عن البالغ العاقل، والأول أولى لئلا يخرج السكران والنائم فإنهما ليسا مكلفين.

قال الإمام الواحدي: الإحصان في اللغة أصله المنع، وكذلك الحصانة، ومنه مدينة حصينة، ودرع حصينة أي: تمنع صاحبها من الجرح، والحصن الموضع الحصين لمنعه، والحصان بكسر الحاء الفرس لمنعه لصاحبه من الهلاك، والحصان بفتح الحاء المرأة العفيفة لمنعها فرجها من الفساد، وحصنت المرة تحصن حصنا فهي حصان، مثل جبنت تجبن جبنا فهي جبان.

وقال سيوبيه: وقالوا أيضا: حصنا. قال أبو عبيد: والكسائى والزجاج حصانة. وقال شمر: امرأة حصان وحاصن: هي العفيفة، فحصل من هذا أنه يقال امرأة حصان وحاصن بينة الحصن، فالحصن والحصانة ثلاثة مصادر. قال الزجاج: يقال: امرأة حصان بينة التحصين، وفرس حصان بين التحصن والتحصين، وبناء حصين بين الحصانة، ولو

<<  <  ج: ص:  >  >>