وهو أجل من أن ينكر هذا، ولعله أراد الإنكار على من يقول أصله الإسكان، وأما الإسكان على سبيل التخفيف، فلا يمنعه أحد، ومع هذا فعبارته مشكلة.
وأما معناه فقال الخطابي: الخبث جمع خبيث، والمراد: ذكور الشياطين، والخبائث جمع خبيثة، والمراد: أناث الشياطين. وقال غيره: الخبث بالإسكان الشر، وقيل: الكفر، وقيل: الشيطان والخبائث المعاصي. قال أهل اللغة: أصل الخبث في كلام العرب المذموم، والمكروه، والقبيح من قول أو فعل أو مال أو طعام أو شراب أو شخص أو حال. وقال أبو عمر المزاهد: قال ابن الأعرابي: الخبث في كلام العرب المكروه، فإن كان من الكلام فهو الشتم، وإن كان من الملل فهو الكفر، وإن كان من الطعام فهو الحرام، وإن كان من الشراب فهو الضار.
خبر: وأما المخابرة، فقال أبو عبيد، والأكثرون من أهل اللغة، والفقهاء: هي مأخوذة من الخبير، وهو: الأكار بتشديد الكاف وهو الفلاح الحراث. وقال آخرون: من الخبار، وهي: الأرض اللينة، والمزارعة قريب من المخابرة، وقيل: من الخبر بضم الخاء، وهو: النصيب.
قال الجوهري: قال أبو عبيد: هو النصيب من سمك أو لحم. قال: ويقال: تخبروا خبرة إذا اشتروا شاة فذبحوها واقتسموا لحمها. وقال ابن الأعرابي: هي مشتقة من خيبر؛ لأن أول هذه المعاملة كان فيها من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، واختلف أصحابنا فيهما هل هما بمعنى أم لا، فقال بعضهم: هما بمعنى واحد، وادعى صاحب البيان: أن هذا قول أكثر أصحابنا، وليس كما قاله، بل الصحيح الذي ذهب إليه جمهورهم، ونص عليه الشافعي رضي الله عنه، ونقله صاحب الشامل، والمحققون عن الجمهور: أنهما مختلفان، والمخابرة: هي المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها، ويكون البذر من العامل، والمزارعة مثلها، إلا أن البذر من مالك الأرض.
قال الرافعي: وقد يقال: المخابرة اكتراء الأرض ببعض ما يخرج منها، والمزارعة اكتراء العامل ليزرع الأرض ببعض ما يخرج منها، ولا يختلف المعنى بهذا الاختلاف.
وأعلم أن المشهور من مذهبنا إبطال المخابرة، والمزارعة جميعًا، وهو نص الشافعي والأصحاب رضي الله عنهم، وذهب جماعة من محققي أصحابنا إلى صحتهما، وهو قول ابن سريج وابن خزيمة، واختاره أيضا الخطابي، وقد أوضحته في الروضة، ولله الحمد. وممن قال من أهل اللغة: أن المخابرة والمزارعة بمعنى واحد صاحب