الأول جمع قلة، والثاني كثرة، وقد ذرعه القيء أي: غلبه وسبقه، وضاق بالأمر ذرعا، إذا لم يطقه، ولم يقو عليه.
قال الإمام أبو منصور الأزهري: الذرع يوضع موضع الطاقة، قال: والأصل فيه أن يذرع البعير بيديه في سيره ذرعا على قدر سعة خطوته، فإذا حمل عليه أكثر من طاقته ضاق ذرعه عن ذلك فضعف ومد عنقه، فجعل ضيق الذرع عبارة عن ضيق الوسع والطاقة، فيقال: ما لي ذرع ولا ذراع أي: مالي طاقة، والدليل على صحة هذا: أنهم يجعلون الذراع موضع الذرع، فيقولون: ضقت به ذرعا.
قال الواحدي: لم أجد أحدا ذكر في أصل الذرع أحسن ما ذكره الأزهري، قال: وذكر ابن الانبارى فيه قولين: أحدهما: أن أصله من ذرع فلانا القيء إذا غلبه وسبقه فمعنى ضاق ذرعه أي: ضاق عن حبس المكروه في نفسه. والثاني: قريب من معنى قول الأزهري، وقول الأزهري أبين وأحسن، والذريعة بفتح الذال الوسيلة، وتذرع بذريعة أي: توسل بوسيلة، وجمعها ذرائع، والقتل الذريع السريع، وأذرعات بفتح الهمزة وكسر الراء، كذا قيدها صاحب الصحاح، وهي بلدة معروفة بالشام حماها الله تعالى بينها وبين دمشق مرحلتان، وإلى بصرى دون مرحلة، وإلى القدس نحو أربع مراحل، والنسبة إليها أذرعي بفتح الراء.
قال أبو الفتح الهمداني في اشتقاق البلدان: أذرعات جمع للسابع، وأذرعة جمع ذراع في لغة من ذكر، قال: وكأنها سميت بذلك؛ لأنها كانت صغيرة متقاربة الأقطار متدانية البيوت، ثم أدنى بعضها شيئًا فشيئًا ليصح خروجهم من الواحد إلى الجمع، ثم جمع الجمع قوله في المهذب في باب المسابقة، قال الشاعر:
كالبغل يعجز عن شوط المحاضير
إن المذرع لا تغنى خؤولته
المذرع: بضم الميم وفتح الذال المعجمة وفتح الراء، هو الذي أمه أشرف من أبيه كذا قاله الجمهور. وقال ابن فارس في المجمل: المذرع من الرجال هو الذي أمه عربية وأبوه خسيس غير عربي. قال ابن فارس وغيره: سمي بذلك للرقمتين اللتين في ذراع البغل؛ لأنهما أتيا من ناحية الحمار، ومعنى هذا البيت أن الشاعر هجا آل ذي الجدين حيث زوجوا سليما مولى زياد بعض بناتهم؛ لأنه ليس كفؤا، وشبهه بإتيان الحمار الفرس. فقوله: لا تغني خؤولته أي: لا تكفي فضيلة نسب أمه وكرم أخواله وكونهم عربا، والمحاضير الخيل الجياد الشديدة العدو مأخوذ من الحضر،