بالمد الربا، وارما فلان أي: أربا. قال الإمام الواحدي: الربا في اللغة الزيادة، يقال: ربا الشيء يربو ربوا، وأربا الرجل إذا عامل في الربا، قال: والربا في الشرع اسم للزيادة على أصل المال من غير بيع. وقال أبو البقاء العكبري: لام الربا واو؛ لأنه من ربا يربو وتثنيته ربوان. قال: ويكتب بالألف، وأجاز الكوفيون كتبه وتثنيته بالياء، قالوا: لأجل الكسرة التي في أوله، قال: وهو خطأ عندنا، وذكر في المهذب قول الله تعالى:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}(البقرة: من الآية٢٧٥) . قال الواحدي: معنى يأكلون الربا يعاملون، وخص الأكل معظم الأمر، كما قال الله تعالى:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً}(النساء: من الآية١٠) وكما لا يجوز أكل مال اليتيم لا يجوز إتلافه، ولكنه نبه بالأكل على ما سواه، وقوله تعالى:{لا يَقُومُونَ}(البقرة: من الآية٢٧٥) يعني: يوم القيامة من قبورهم، وقوله تعالى:{إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}(البقرة: من الآية٢٧٥) التخبط معناه: الضرب على غير استواء، وخبط البعير وتخبطه إذا مسه بخبل أو جنون؛ لأنه كالضرب على غير استواء في الادهاش، وتسمى إصابة الشيطان بالجنون أو الخبل خبطة،
ويقال به خبطة من جنون والمس الجنون، يقال: مس الرجل وبه مسيس، وأصله من المس باليد كأن الشيطان يمس الإنسان فيجنه ثم سمي الجنون مسا، كما أن الشيطان يتخبطه ويطأه برجله، فيخبله فيسمى الجنون خبطة، فالتخبط بالرجل والمس باليد.
فأما التفسير فقال قتادة: إن أكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونًا، وذلك علم لأكلة الربا يعرفهم بهم أهل الموقف يعلم أنهم أكلة الربا في الدنيا. قال الزجاج: لا يقومون في الآخرة إلا كما يقوم المجنون من حال جنونه، فعلى هذا معنى الآية: يقومون مجانين كمن أصابه الشيطان بجنون. قال ابن قتيبة: يريد أنه إذا بعث الناس من قبورهم خرجوا مسرعين، لقوله تعالى:{يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً}(المعارج: من الآية٤٣) إلا أكلة الربا فإنهم يقومون ويسقطون كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان ويسقط؛ لأنهم أكلوا الربا في الدنيا فأرباه الله تعالى في بطونهم يوم القيامة حتى أثقلهم، فهم ينهضون ويسقطون ويريدون الإسراع فلا يقدرون. قال: وهذا المعنى غير الأول يريد أن أكلة الربا لا يمكنهم الإسراع في المشي كالذى