بكسر الشين على وزن شيعة أي: بمشيئته، وفرق أصحابنا بين المحبة والمشيئة، قالوا: ولهذا يقال الإنسان يشاء دخول الدار ولا يحبه ويحب ولده ولا يسوغ فيه المشيئة، وقد ذكرت هذا في الروضة في تعليق الطلاق بالمشيئة قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إن في أعين الأنصار شيئا” مذكور في نكاح المهذب، وهو حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه من رواية أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وهكذا ضبطناه في صحيح مسلم شيئا بهمز بعد الياء، وهذا هو الصواب، وهكذا وجد بخط المصنف، وهكذا هو في النسخ المعتمدة من المهذب. وروي شينًا بالنون بدل الهمز.
وعلى الأول اختلفوا في المراد بالشيء، فقيل: عمش. وقيل: زرقة. وقيل: بنو. وقيل: ضعف في الأجفان. وقيل: بياض في الأجفان. وفي الحديث: “أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء” ذكره في باب ما يلحق من النسب أي: ليست من دين الله تعالى في شيء، ومعناه ليست مرتبطة بدينه وليست في ذمته، بل هي في معنى المتبرىء منه سبحانه وتعالى. عافانا الله تعالى.
واعلم: أن مذهب أهل السنة أن المعدوم لا يسمى شيئا، وقالت المعتزلة: يسمى شيئا ووافقوا على أن المحال لا يسمى شيئا، فلا يكون داخلا في قول الله عز وجل:{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(البقرة: من الآية٢٨٤) .
قال أصحابنا وغيرهم من المتكلمين: لا يوصف الله سبحانه وتعالى بالقدرة على المستحيل، واستدل أصحابنا على أن المعدوم لا يسمى شيئا بقول الله عز وجل:{وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً}(مريم: من الآية٩) وأما قول الله تعالى: {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}(الحج: من الآية١) . فقال أصحابنا: سماها شيئا لتحقق وقوعها فسماها باسم الواقع، كما قال تعالى:{هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ}(الصافات: من الآية٢١) ، {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ}(الأعراف: من الآية٤٤) ، {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ}(الأعراف: من الآية٥٠) ونحو ذلك.
شيخ: الشيخ من الآدميين، يقال في جمعه شيوخ ومشيخة وشيخة ومشيوخاء، حكاه أبو عمرو عن ابن الأعرابي، وذكر في المهذب في أول كتاب الحدود الحديث المشهور:"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" المراد: بالشيخ والشيخة الرجل والمرأة المحصنين، وليس معناه أنه لا يرجم أحدهما إلا إذا زنا بمحصن بل ذلك من التقييد الذي لا مفهوم له، فلو زنى محصن ببكر رجم المحصن وجلد البكر، ومعنى البتة هنا رجما لا بد منه ولا مندوحة عنه.