للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نأقط الأقط ولا نسلؤا السمن ونحن محرمون، ولا ندخل بيتًا من شعر ولا نستظل إلا في بيوت الأدم، ثم زادوا في الابتداع، فقالوا: لا ينبغي لأهل الحرم أن يأكلوا من طعام جاؤوا به معهم من الحل في الحرم إذا جاؤوا حجاجا أو معتمرين، ولا يأكلوا في الحرم

إلا من طعام أهل الحرم إما قراء وإما شراء.

وكان مما ابتدعوا: أنهم إذا حج الصرورة إنسان من غير الحمس، والحمس من أهل مكة قريش وخزاعة وكنانة، ومن دان دينهم ممن ولدوا من حلفائهم فلا يطوف إلا عريانًا رجلا كان أو امرأة، إلا أن يطوف في ثوب أحمسي إما بإعارة وإما بإجارة، فيقف الغريب بباب المسجد، ويقول من يعيرني ثوبا، فإن أعاره أحمسي ثوبا أو أكراه طاف به، وإن لم يعره ألقى ثيابه بباب المسجد من خارج، ثم دخل الطواف وهو عريان، فإذا فرغ من طوافه خرج فيجد ثيابه كما تركها لم تمس، فيأخذها فيلبسها، ولا يعود إلى الطواف بعد ذلك عريانا، ولم يكن يطوف عريانا إلا الصرورة من غير الحمس، فأما الحمس فكانت تطوف في ثيابها، فإن قدم غير أحمسي من رجل أو امرأة، ولم يجد ثياب أحمسي يطوف فيها ومعه فضل ثياب يلبثها غير ثيابه التي عليه طاف بثيابه ثم جعلها لقا، واللقى: أن يطرح ثيابه بين أساف ونائلة، فلا يمسها أحد ولا ينتفع بها حتى تبلى من وطء الأقدام والشمس والرياح والمطر، فجاءت امرأة لها جمال وهيئة فطلبت ثيابا لأحمسي فلم تجدها، ولم تجد بدًا من الطواف عريانة، فنزعت ثيابها بباب المسجد ثم دخلت المسجد عريانة فوضعت يدها على فرجها وجعلت تقول:

فما بدا منه فلا أحله

اليوم يبدو بعضه أو كله

فجعل فتيان مكة ينظرون إليها وكان لها وتزوجت في قريش. وجاءت امرأة تطوف عريانة ولها جمال، فأعجبت رجلا فطاف إلى جنبها ليمسها فأدنى عضده إلى عضدها فالتزقت عضده بعضدها، فخرجا من المسجد هاربين على وجوههما فزعين لما أصابهما، فلقيهما شيخ من قريش فأخبراه، فأفتاهما أن يعودا إلى مكانهما الذي أصابهما فيه ما أصابهما فيدعوا ويخلصا أن لا يعودا، فرجعا فدعوا الله تعالى وأخلصا إليه أن لا يعودا فافترقت أعضادهما، فذهب كل واحد منهما إلى ناحية، هذا آخر ما حكاه

<<  <  ج: ص:  >  >>