للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجليه، وهو معقول منذ اليوم، وصار دم فلان معقلة على قومه إذا غرموه، واعتقل فلان من دم صاحبه إذا أخذ العقل، والمعاقل حيث تعقل الإبل، وعقلت المرأة شعرها إذا مشطته، والماشطة العاقلة، والدرة الكبيرة الصافية عقيلة البحر، والعقنقل من الرمل ما ارتكم، وتعقل بعضه ببعض ويجمع عقنقلات، وعقاقل وأعقلت فلانا لقيته عاقلا، وعقلته جعلته عاقلا، هذا آخر كلام الأزهري.

وقال صاحب المحكم: العقل ضد الحمق، والجمع عقول عقل يعقل عقالا وعقالا فهو عاقل من قوم عقلاء. قال إمام الحرمين في أول الإرشاد: العقل علوم ضرورية، والدليل على أنه من العلوم استحالة الاتصاف به مع تقدير الخلو من جميع العلوم، وليس العقل من العلوم النظرية، إذ شرط النظر تقدم العقل، وليس العقل جميع العلوم الضرورية، فإن الضرير ومن لا يدرك يتصف بالعقل، مع انتفاء علوم ضرورية عنه، فبان بهذا: أن العقل من العلوم الضرورية وليس كلها، هذا كلام الإمام.

واختلف الناس في محل العقل هل هو في القلب أم في الدماغ، فذهب أصحابنا من المتكلمين أنه في القلب، وبه قال جمهور المتكلمين وهو قول الفلاسفة. وقالت الأطباء: هو في الدماغ، وهو محكي عن أبي حنيفة. احتج أصحابنا بقول الله تعالى: {أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها} وقوله تعالى: {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب} وبقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب” فجعل - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاح الجسد وفساده تابعًا للقلب، مع أن الدماغ من جملة الجسد،

واحتج القائلون بالدماغ: بأنه إذا فسد الدماغ فسد العقل. والجواب: أن الله تعالى أجرى العادة بفساد العقل عند فساد الدماغ مع أن العقل ليس فيه، ولا امتناع في هذا، والمعقول العقل، وهو أحد المصادر التي جاءت على مفعول كالميسور والمعسور، وعاقله فعقله بعقله إذا كان أعقل منه، وعقل الشيء يعقله عقلا فهمه، وقلب عقول فهم، وتعاقل أظهر أنه عاقل فهم وليس كذلك، وعقل الدواء بطنه، يعقله ويعقله عقلا أمسكه، واعتقل لسانه امتسك، وعقله عن حاجته يعقله، وعقَّله وتعقله واعتقله حبسه، وعقل البعير يعقله عقلا، وعقَّله واعتقله شد وظيفه إلى ذراعه وكذلك الناقة، وقد يعقل العرقوبان،

<<  <  ج: ص:  >  >>