الله عنها، قالت: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:"أنا أشبه الناس بأبى آدم، عليه السلام، وكان أبى إبراهيم، عليه السلام، أشبه الناس بى خلقًا وخُلقًا". فأما اشتقاق اسمه، فقال الإمام أبو الحسن على بن أحمد الواحدى: قال ابن عباس، رضى الله عنهما: سمى آدم؛ لأنه خلق من أديم الأرض. قال: وهكذا قاله أهل اللغة فيما حكاه الزجاج. قال الزجاج: قال أهل اللغة: آدن مشتق من أديم الأرض؛ لأنه خُلق من تراب، وأديم الأرض وجهها. قال: وقال النضر بن شميل: سمى آدم لبياضه. وهذا كله تصريح منهم بأن آدم اسم عربى مشتق، وإلا فالعجمى لا اشتقاق له.
قال أبو البقاء: آدم وزنه أفعل، والألف منه مبدلة من همزة، وهى فاء الفعل؛ لأنه مشتق من أديم الأرض أو من الأدمة، قال: ولا يجوز أن يكون أصله فاعلاً بفتح العين، إذ لو كان كذلك لانصرف، كالعالم، وخاتم، والتعريف وحده لا يمنع الصرف، وليس هو بعجمى، هذا كلام أبى البقاء.
وقال الإمام أبو منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقى فى كتابه المعرب: أسماء الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، كلها أعجمية، نحو: إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، وإلياس، وإدريس، وأيوب، إلا أربعة: آدم، وصالحًا، وشعيبًا، ومحمدًا، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
قال أبو إسحاق الزجاج: اختلفت الآيات فيما بدىء به خلق آدم، ففى موضع خلقه الله تعالى من تراب، وفى موضع من طين لازب، وفى موضع من حمأ مسنون، وفى موضع من صلصال، قال: وهذه الألفاظ راجعة إلى أصل واحد، وهو التراب الذى هو أصل الطين، فأعلمنا الله عز وجل أنه خلقه من تراب جعل طينًا، ثم انتقل فصار كالحمأ المسنون، ثم انتقل فصار صلصالاً كالفخار. ولقد أحسن الزجاج، رحمه الله.
قال الإمام أبو إسحاق الثعلبى فى قول الله عز وجل إخبارًا أن إبليس قال:{خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ}[الأعراف: ١٢] ، قال الحكماء: أخطأ عدو الله فى تفضيله النار على الطين؛ لأن الطين أفضل منها من أوجه:
أحدها: أنه من جوهر الطين الرزانة، والسكون، والوقار، والحلم، والأناة، والحياء، والصبر، وذلك سبب توبة آدم وتواضعه وتضرعه، فأورثه