قسمتها، بعد أن جمع العرب واستصرخهم، وكان يعلم صالح محبة مرتضى الدولة لتل حاصد.
فحين علم منصور بنزول صالح على تل حاصد، رأى أن يعاجله قبل وصول المدد إليه، فجمع جنده، وحشد جميع من بحلب من الأوباش، والسوقة، والنصارى، واليهود وألزمهم بالسير معه إلى قتال صالح، فخرجوا ليلة الخميس ثاني عشر صفر من سنة خمس وأربعمائة.
وبلغني: أن مرتضى الدولة لما وصل إلى جبرين تطير وقال: جبرنا فلما وصل بوشلا قال: شللنا فلما وصل تل حاصد قال: حصدنا.
وأصبح عليهم يوم شديد الحر فماطلهم صالح باللقاء، إلى أن عطش العوام وجاعوا وسير جاسوساً إلى العسكر فجاء وأخبره أن معظم عسكره
من اليهود، والنصارى، وأنه سمع يهودياً يقول لأخر بلغتهم: والك حفيظه اطعزه واتأخر، وإياك يكون خلفه أخر يطعزك بمطعازه، ويخغب بيتك للدواغيث.
فقوي طمع صالح فيهم، وحمل عليهم فكسرهم، وأسر مرتضى الدولة، وسالم بن مستفاد أبا المرجا الحمداني وخلقاً غيرهما.
وقتل جمع كثير من العسكر ومقدار ألفي راجل من العوام، وآثار عظامهم إلى اليوم مدفونة في أرجام حجارة شبيهة بالتلال، فيما بين تل حاصد وبوشلا.
وانهزم أبو الجيش وأبو سالم أخو مرتضى الدولة، وقصد القلعة فضبطها أبو الجيش المفلول، وضبط البلد أخوه أبو الجيش وأمه.
وحدث بنو كلاب أنهم لم يروا ولم يسمعوا بأشجع من مرتضى الدولة، وأنه لو لم يقف به الحصان ما وصلوا إليه، وأنه لما وقف به الحصان لم يقدم عليه أحد