أن نزل إليها ومعه مقلد ابن عمه في جماعة، وقاتلوها أياماً، واستظهر الحلبيون عليهم، فرحلوا إلى ناحية قنسرين.
وجرى بين الحلبيين والمغاربة عربدة، وقتل بينهم جماعة، ونهبت أهراء السلطان، وطلع أصحاب الدزبري إلى القلعة خوفاً على أنفسهم، فلم يمكنهم سبكتكين من دخولها، فنزلوا في القصر تحت القلعة.
واستدعى الحلبيون ثمالاً ومقلداً. فورد مقلد في مقدمته من قنسرين، فتسلمها يوم الإثنين لليلتين بقيتا من جمادى. ووصل ثمال يوم الثلاثاء، فدخلها واجتمع إليه أحداثها. واعتصم سبكتكين بالقلعة شهراً وسلمها إليه.
وقيل: إنه بقي بها إلى النصف من صفر سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، وإذ القلعيين رموا على الحلبيين، وأتوا على عدد كثير منهم، وأصلح الحلبيون المنجنيقات، وقاتلوا بها القصر الذي تحت القلعة، ونقبوه، وخربوا حيطانه مما يلي المدينة مع قطعة من سور المدينة من ناحية باب العراق.
وثبت سبكتكين على الحصار مدة سبعة أشهر، واستنصر الفريقان، ونفد ما مع آل مرداس من المال، ووقع المرض في القلعيين فأفناهم، وأيس الباقون من نفوسهم فجنحوا إلى التسليم واصطلحوا على شروط منها أن لا يعرض لأحد من القلعيين بمساءة، وانتظم الأمر وسلمها سبكتكين بجميع ما فيها بعد أن أخذ لنفسه ثلاثين ألف دينار، ولورثة الدزبري اثنين وثلاثين ألف دينار.
واستقر ملك حلب لمعز الدولة أبي العلوان ثمال بن صالح بن مرداس، ووصله تشريف من المستنصر في سنة ست وثلاثين. ودرت الأرزاق في أيامه على الناس، وأحسن السيرة معهم، وجاد بالعطاء.
وظهر في أيامه ببعلبك رأس يحيى بن زكريا في حجر منقور فنقل إلى حمص ثم إلى حلب، فوضع بمقام إبراهيم صلى الله عليه وسلم بقلعة حلب في سنة خمس وثلاثين وأربعمائة.