وكان ثمال لما طاول حصار قلعة حلب قد رغب إلى تدورا ملكة الروم، وسير رسولاً يلتمس نصرتها وإعانتها وانتماءه إليها، فرتبت ثمالاً ماخسطرس على حلب، ومقلد ابن عمه بسطرخس، وجعلت له واجب الماخسطرية عن حلب، ورتبت صالح ابن ثمال، ومنيع بن مقلد، ومحمود بن نصر، وعطية وحسناً أخوي ثمال، بطارقة. ورتبت السيدة علوية أم محمود بطريقة، وأطلقت لجماعتهم واجبات هذه المراتب، وسيرت إليهم هدايا كثيرة،
وشرطت على ثمال أن يحمل في كل سنة ما كان يحمله أخوه نصر، على الشروط المشروطة عليه.
وكان المستنصر قد وقع لثمال بحلب على أن يحمل إليه جميع ما بقلعتها من المال على ما ذكرناه فلما استولى ثمال على حلب حمل إلى المستنصر من ذلك مائتي ألف دينار وأفرد برسم عمارة القلعة ومساكنها ومصانعها خمسة وسبعين ألف دينار وإقامة العوض عما استنقد من العدة وهلك من أصحاب الأسلحة باستعمالها والابتذال لها في الحرب ثلاثين ألف دينار، وما أخذه من آلات ذهب وفضة وغيرها خمسة عشر ألف دينار.
فلما علم المستنصر بذلك شق عليه ذلك، ووقعت الوحشة بينه وبين معز الدولة ثمال، فعصى ثمال على المستنصر، فسير المستنصر إليه إلى حلب الأمير ناصر الدولة أبا محمد الحسن بن الحسين بن الحسن بن حمدان، ومعه عبد العزيز ابن حمدان، وشجاع الدولة بن كليد.
وكان ناصر الدولة بن حمدان قد ولي دمشق من قبل المستنصر بعد الدزبري، فوصلوا إلى حلب بعد أن فتحوا حماة ومعرة النعمان، في سنة تسع وثلاثين وأربعمائة، فطاف بحلب ولم ينزل بها فخرج أهل حلب لقتاله، فهزمهم واختنق منهم في الباب على ما يقال سبعة عشر ألف نفس
وعاد ناصر الدوله فنزل بصلدي قرية قريبة من حلب على نهر قويق فجاءهم سيل في الليل لم يسمع بمثله، فغرق أكثر المضارب، وأتلف الرجال، وأهلك