ووصل وثاب بن محمود ومعه جماعة من العرب ووصلوا تل منس وقاتلوها لأنه بلغهم أنهم كاتبوا الفرنج وأطمعوهم في الشام، وقرر عليهم
دقاق مالاً أخذ بعضه ورهائن على الباقي، وسيرهم إلى دمشق.
وسار دقاق بالعساكر إلى مرج دابق، واجتمع بكربوقا فيه في آخر جمادى الآخرة، ورحلوا منه نحو أنطاكية، فلما كان ليلة الخميس أول ليلة من رجب واطأ رجل يعرف بالزراد من أهل أنطاكية وغلمان له على برج كانوا يتولون حفظه، وذلك أن يغي سيان كان قد صادر هذا الزراد وأخذ ماله وغلته، فحمله الحنق على أن كاتب بيمند وقال له: أنا في البرج الفلاني، وأنا أسلم إليك أنطاكية أن أمنتني وأعطيتني كذا وكذا. فبذل له ما طلب، وكتم أمره عن باقي الفرنج
وكان بعسكر الفرنج تسعة قوامص مقتمين عليهم كندفري، وأخوه القمص، بيمند، وابن أخته طنكريد وصنجيل وبغدوين وغيرهم. فجمعهم بيمند وقال لهم: هذه أنطاكية إن فتحناها لمن تكون فاختلفوا، وكل طلبها لنفسه، فقال: الصواب أن يحاصرها كل رجل منا جمعة، فمن فتحت في جمعته فهي له، فرضوا بذلك.
فلما كانت نوبته دلى لهم الزراد لعنه الله، حنلاً، فطلعوا من السور، وتكاثروا، ورفع بعضهم بعضاً وجاءوا إلى الحراس، فقتلوهم، وتسلمه بيمند بن الانبرت.
وطلع الفرنج في سحرة هذه الليلة إلى البلد وصاح الصائح من ناحية جبل، فتوهم يغي سيان أن القلعة قد أخذت فخرج من البلد في جماعة منهزمين فلم يسلم منهم أحد.
ولما حصل بالقرب من أرمناز ومعه خادم من غلمانه وقع عن ظهر فرسه،