فحمله الخادم الذي كان معه، وأركبه، فلم يثبت على ظهر الفرس، وعاد فسقط، وأدركه الأرمن، فهرب الخادم عنه، وقتله الأرمن وحملوا رأسه إلى الفرنج، واستشهد في ذلك اليوم بأنطاكية ما يفوت الإحصاء ويجاوز العدد، ونهبت الأموال والآلات والسلاح، وسبي من كان بأنطاكية ووصل هذا الخبر إلى عم وانب، فهرب من كان بها من المسلمين وتسلمها الأرمن.
وبلغ الخبر إلى دقاق وكربوقا ومن كان معهما، فرحلوا إلى أرتاح، وسار بعضهم إلى جسر الحديد وقتلوا من كان فيه من الفرنج، وتوجهوا نحو أنطاكية، فعرفوا أن قلعتها باقية في أيدي المسلمين، فأعلموا العساكر الإسلامية بذلك، فوصلوا إلى أنطاكية سحرة يوم الثلاثاء سادس رجب، فانهزم من كان بظاهر البلد من الفرنج إليها.
ونزل المسلمون بظاهرها مما يلي الجبل، ودخلوا البلد من ناحية القلعة، وقاتلوا الفرنج في جبل المدينة، وأشرف الفرنج على التلف فبنوا سوراً على بعض الجبل يمنع المسلمين من النزول إليهم، وأقاموا أياماً، وعدم القوت عندهم، واحتوى كربوقا على كثير مما كان في قلعة أنطاكية، وولى فيها أحمد بن مروان، وترادفت رسل الملك رضوان في أثناء ذلك إلى كربوقا، فتوهم دقاق من ذلك، وخاف جناح الدولة من أصحاب يوسف بن أبق وأخيه.
وجرت بين الأتراك والعرب الذين مع وثاب منافرة عادوا لأجلها، وتفرق كثير من التركمان بتدبير الملك رضوان ورسالته.
وتحيل بعض الأمراء من بعض ثم اجتمع رأيهم على التحول إلى المنازلة في السهل بظاهر أنطاكية، فنزلوا باب البحر، وجعل المسلمون بينهم وبين البلد خندقاً.