وقتل منهم خلقاً عظيماً، وأسر البرنس الثاني وخلقاً معه، ودخل بهم إلى حلب في مستهل ذي الحجة من سنة ست وخمسين وخمسمائة.
وفي سنة سبع، ولى نور الدين كمال الدين أبا الفضل محمد بن الشهرزوري قضاء ممالكه كلها، وأمر القضاة ببلاده أن يكتبوا في الكتب بالنيابة عنه، وكان قد حلف له على ذلك وعاهده عليه، وكان ذلك بدمشق في السنة المذكورة، فامتنع زكي الدين قاضي دمشق، فعزل، وكتب إلى جدي أبي الفضل بحلب، فامتنع أيضاً.
ووصل نور الدين ومعه مجد الدين ابن الداية، واستدعاه نور الدين إلى القلعة، وقال: كنا قد عاهدنا كمال الدين، وحلفنا له على هذا الأمر، وما أنت إلا نائبي، وله اسم قضاء البلاد لا غير فامتنع وقال: لا أنوب عن مكانين فولى قضاء حلب محيي الدين أبا حامد ابن كمال الدين، وأبا المفاخر عبد الغفور بن لقمان الكردي، وذلك بأشارة مجد الدين لوحشه كانت بينه وبين جدي.
ثم إن نور الدين جمع العساكر بحلب، في سنة سبع، وسار إلى حارم، وقاتلها، فجمع الفرنج جموعهم، وساروا إليه. فطلب منهم المصاف فلم يجيبوه، وتلطفوا معه حتى عاد إلى حلب.
ثم جمع العساكر في سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، ودخل إلى بلاد الفرنج، ونزل في البقيعة تحت حصن الأكراد محاصراً له، وعازماً على أن يقصد طرابلس.
فاجتمع الفرنج، وخرج معهم الدوقس الرومي، وكان قد خرج في جمع كثير من الروم واتفق رأيهم على كبسة المسلمين نهاراً، فإنهم يكونون آمنين، فركبوا لوقتهم ولم يتوقفوا، وساروا مجدين إلى أن قربوا من يزك المسلمين، فلم يكن