لهم بهم طاقة وأرسلوا إلى نور الدين يعرفونه الحال فرهقهم الفرنج بالحملة عليهم فلم يثبت المسلمون وعادوا منهزمين إلى نور الدين والفرنج في ظهورهم، فوصلوا جميعاً إلى عسكر نور الدين، ولم يتمكن المسلمون من ركوب الخيل وأخذ السلاح، حتى خالطهم الفرنج، فقتلوا، وأسروا، قتلاً عظيماً وأسراً كبيراً.
وكان الدوقس أشدهم على المسلمين، فلم يبق أصحابه على أحد، وقصدوا خيمة نور الدين، وقد ركب فيها فرسه، فنجا بنفسه، ولسرعته ركب الفرس والشبحة في رجله، فنرل إنسان كردي، وفداه بنفسه، فقطع الشبحة، ونجا نور الدين، وقتل الكردي فأحسن إلى مخلفيه، ووقف عليهم الوقوف.
ووصل نور الدين إلى بحيرة قدس، وبينه وبين المعركة نحو أربعة فراسخ، وتلاحق به من سلم من العسكر، فقال له بعضهم: المصلحة أن نسير، فإن الفرنج ربما طمعوا وجاؤوا إلينا، ونحن على هذه الحال، فوبخه وأسكته، وقال: إذا كان معي ألف فارس التقيتهم، ووالله لا أستظل بسقف حتى أخذ بثأري وثأر الإسلام.
وأرسل إلى حلب ودمشق، وأحضر الأموال الثياب والخيام والسلاح والخيل، فأعطى الناس عوضاً عما أخذ منهم بقولهم، وأصبح عسكره كأن لم يهزم ولم ينكب، وكل من قتل أعطى أولاده أقطاعه.
ولما رأى أصحاب نور الدين كثرة خرجه قال له بعض صحابة السوء: إن لك في بلادك إدرارات وصلات ووقوفاً كثيرة على الفقهاء، والفقراء، والقراء،