للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم اعلم أن المشروعات على نوعين: رخصة، وعزيمة، فالعزيمة: ما تقرَّر على الأمور الأول، والرُّخصة: ما تغير من عسرٍ إلى يسرٍ بواسطة عذرٍ، ثمَّ الرُّخصة على نوعين: رخصةٌ ترفيهٍ، مثل الفطر وأجزاء كلمة الكفر، ورخصةٌ إسقاطٍ أي: يسقط الحكم أصلًا، مثل الكره على شرب الخمر نعوذ بالله، ومن هذا القبيل قصر الصَّلاة (١)] (٢).

قوله: (المسافر)، من المُفَاعِلُ، وهي تكون بين اثنين، ويجوز (٣) من جانبٍ واحدٍ أيضًا، كما يقال: عالج الطَّبيب، فكذا هنا [المسافرة تكون] (٤) من المسافر لا من الطريق، وقد يمكن الجانبان أيضًا ها هنا؛ لأنَّ السَّفر هو الكشف، كما أن الماشي على الطَّريق ينكشف على الطَّريق أي: يظهر، كذلك الطَّريق ينكشف على الماشي فيتحقق الجانبان، [كما هو الأصل] (٥).

قوله: (ومشى الأقدام [فلا يعتبر بذلك بالسَّير في الماء) (٦)؛ لما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "يمسح المسافر ثلاثة أيامٍ ولياليها" (٧). فدل على أن كلَّ مسافرٍ متمكِّن من استيفاء رخصة المسح، وإنَّما اعتبر بسير الإبل


(١) فرق علماء الأصول بين رخصة الترفيه، ورخصة الإسقاط: بأنَّ رخصة الترفيه يكون حكم العزيمة معها باقيًا، ودليله قائمًا، ولكن رخَّص في تركه تخفيفًا وترفيهًا عن المكلف. ينظر: خلاف، عبد الوهاب، علم أصول الفقه (ت: ١٣٧٥ هـ)، ط: مكتبة الدعوة، (١٢٣).
(٢) ما بين المعكوفتين سقط من (ب)، (خ)، (ش).
(٣) في (ب): "ويجيء".
(٤) في (أ)، (خ): "المسافر يكون".
(٥) سقطت من (ب)، (خ).
(٦) يقول الماتن أنَّ السفر المبيح للرخصة هو: أن يقصد الإنسان موضعًا بينه وبين ذلك الموضع مسيرة ثلاثة أيامٍ ولياليها، بسير الإبل ومشي الأقدام، ولا يعتبر ذلك بالسَّير في الماء.
(٧) سبق تخريجه في كتاب الطَّهارة باب المسح على الخفَّين.

<<  <  ج: ص:  >  >>