للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نصيب الآخر إلا بأمر صاحبه كالأجنبي)؛ لأنه لم يوجد من جهة كل واحد منهما في التصرف، وفي نصيب صاحبه إذن، فصار كالأجنبي، (والضرب الثاني شركة العقود، وهي أربعة أوجه معاوضة، وعنان، وشركة الصنايع، وشركة الوجوه، فأما شركة المعاوضة، فهي أن يشتركا الرجلان، فيتساويان في مالهما، وتصرفهما، ودينهما)، الدليل على الشركة المعاوضة؛ لقوله - عليه السلام -: "تفاوضوا فإنه أعظم للبركة" (١)، وإنما سميت مفاوضة لما فيها من المساواة، وإنما اعتبرنا تساويهما في مال يصلح الشركة، والتصرف، والدّين؛ ليحصل مقتضى الشركة، وهو المساواة.

والشركة على ثلاثة أوجه: شركة بالأموال، والأعمال، والوجوه، وكل واحد منهما على وجهين مفاوضة، وعنان إن كانت الشركة في هذه الثلاثة بين المسلم والمسلم يكون مفاوضة، وإن كانت بين المسلم والذمي يكون عنانًا، والعنان من عنان الدابة، أي: يجعل عنان التصرف في يد شريكه، والعنان يتفاوت إلى لين وشدة كذلك الريح يتفاوت، أو من عانة [أي] (٢): قابلة عانة، وعنانًا كما يقال: عارضة عراضًا، فقابل أحد الشريكين بالآخر، وشركة الوجوه باعتبار أن الشريكين [قابل] (٣) وجهه بوجه صاحبه باعتبار أن


(١) قال الزيلعي في نصب الراية (٣/ ٤٧٥): "غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ - في التِّجَارَاتِ" عَنْ صَالِحِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ صُهَيْب، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ثَلَاثٌ فِيهِنَّ الْبَرَكَةُ: الْبَيْعُ إلَى أَجَلٍ، وَالْمُقَارَضَةُ، وَأَخْلَاطُ الْبُرِّ بِالشَّعِيرِ لِلْبَيْتِ لَا لِلْبَيْعِ" انْتَهَى. وابن حجر في الدراية في تخريج أحادث الهداية (٢/ ١٤٤): "لم أَجِدهُ وَرَوَى ابْن ماجة من حَدِيث صُهَيْب رَفعه ثَلَاث فِيهِنَّ الْبركَة البيع إِلَى أجل والمفاوضة وإخلاط الْبر بِالشَّعِيرِ للبيت لَا للْبيع".
(٢) ما بين المعقوفين في (ب) "إذا".
(٣) ما بين المعقوفين في (ب) "وقابل"، وفي (خ) "يقابل".

<<  <  ج: ص:  >  >>