للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الخامس: ابن عبد الحكم وعلاقته بالشافعي]

وعلاقة الشافعي بابن عبد الحكم -رحمهما الله- مشهورة معروفة، ولعل بدايتها كانت عند مالك في المدينة، وقد نقل ابن حجة الحموي عن الشافعي أنه قال: أقمتُ ضيفَ مالك ثمانية أشهر، فما عَلِمَ أحدٌ مِنَ الإنْسِ الذي كان بيننا أيُّنَا الضيف، ثم قدم على مالك المصريون بعد قضاء حجهم للزيارة واستماع الموطأ، قال الشافعي فأمليتُ عليهم حفظًا، منهم: عبد الله بن عبد الحكم، وأشهب، وابن القاسم. قال الربيع وأحسب أنه ذكر الليث بن سعد، ثم قدم بعد ذلك أهل العراق لزيارة النبي (١).

وروى الربيع بن سليمان واقعةً حدثت بين الشافعي وابن عبد الحكم؛ بخصوص الإقامة بمصر، فقال عبد الله بن عبد الحكم للشافعي: إن عزمتَ أن تسكن البلد -يعني مصر- فليكن لك قوتُ سنة ومجلسٌ من السلطان تتعزز به. فقال له الشافعي: يا أبا محمد! مَنْ لم تعزه التقوى فلا عِزَّ به، ولقد وُلدتُّ بِغَزَّةَ وَرُبِّيْتُ بالحجاز وما عندنا قوتُ ليلةٍ وما بِتْنَا جياعًا قطُّ (٢).

وكان ابن عبد الحكم يُجلُّ الشافعي ويعظمه، وكان يقول: ما رأيت مثل الشافعي، وما رأيت رجلًا أحسن استنباطًا منه (٣).

وقال ابن عبد البر في ترجمة ابن عبد الحكم: روى عن الشافعي وأخذ عنه، وكَتَبَ كُتبه لنفسه ولابنه محمد، وكان متحققا بقول مالك، وكان صديقًا للشافعي وعليه نزل إذ جاء من بغداد إلى مصر، وعنده مات


(١) انظر: طيب المذاق من ثمرات الأوراق، للحموي ص ٢٢٢.
(٢) انظر: تفسير السلمي ٢/ ٣٢٩ تاريخ دمشق لابن عساكر ٥١/ ٣٩٧ - ٣٩٨.
(٣) تهذيب الأسماء ١/ ٨٦.

<<  <   >  >>