للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مقدمة]

الحمد لله الذي جعل العلم النافع طريقًا موصلًا لرضاه، وصراطًا يتبعه من أراد هداه، ويحيد عنه من ضَلَّ واتبع هواه، ومن أضلُّ ممن اتبع هواه بغير هدىً من الله، وأشهد أن لا إله إلا الله رفع شأن العلم وأهله حتى وصلوا من المجد منتهاه، ومن العز أعلى ذراه، فمن سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى جنته وعلاه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الهداةُ التقاة، ومن سار على نهجه إلى يومِ لِقَاه (١).

أما بعد: فإن التفقه في الدين هو نبراس ينطوي عليه أساس نجاح المسلمين في حياتهم الدنيا، كما يَنْبَنِي عليه نجاتهم -إن أخلصوا- يوم المعاد، ولا شك أنه منزلة لا يخفى شرفها وعُلاها، ولا تَحْتَجبُ عن العقول طوالِعُها وأضواؤها، كيف ذلك وقد نَوَّهَ الله بفضله في محكم تنزيله، فقال ﷿: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾ [التوبة: ١٢٢] ولذلك جزم العلماء بأن الفقه أفضل العلوم، كما ضبطوا حقيقته بأنه: "العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية" (٢). والتفقه في الدين لا يكون بالتقليد الأعمى ولا بالتعصب الممقوت، قال العلامة الشنقيطي في هذه الآية: وليس التفقه في الدين إلا علم كتاب الله وسنة رسوله ، فتبين أن الآية لا دليل فيها البتة لطائفة التقليد، الذين يوجبون تقليد إمام بعينه، من غير أن يُرَدَّ من أقواله شيء، ولا يؤخذ من أقوال غيره شيء.


(١) جزء من خطبة لفضيلة الشيخ عبد الرحمن السديس إمام المسجد الحرام.
(٢) قواعد الفقه للمجددي ص ٤١٤ التحرير والتنوير لابن عاشور ١٠/ ٢٣٠.

<<  <   >  >>