للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باب الظهار (١)

قال عبد الله بن عبد الحكم: "ومن قال لامرأته: أنت عليَّ كظهر أمِّي فهو مظاهر (٢)، ولا يطؤها حتى يكفر كفارة، والظهار كفارته تحرير رقبة مؤمنة ليس فيما شرك، ولا عتاقة، ولا تدبير، ولا كتابة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا (٣) بمد هشام (٤)، ولا يطؤها في ليل، ولا نهار حتى يكفر، وإن وطئ المظاهر قبل أن يكفر فليس


(١) الظهار: بكسر الظاء من الظهر، وهو خلاف البطن، وهو: تحريم الرجل امرأته عليه بقوله: أنت علي كظهر أمي، وكانت العربُ تُطَلِّقُ نِساءَهَا بهذِه الكَلِمَة، وكان في الجاهِليَّة طَلاقًا، فلما جاءَ الإسلامُ نُهُوا عنها، وأَوجَب الكَفَارة على من ظَاهَرَ من امرأَتِهِ، كما هو مفصل في سورة اَلمجادلة، وأَصلُ الظهار مأْخُوذٌ من الظَّهْرِ، وإِنما خَصُّوا الظَّهْرِ دونَ البَطْنِ والفَخْذِ والفَرْج، وهذه أَوْلَى بالتَّحْريم؛ لأَنَّ الظَّهْرَ مَوضعُ الرُّكُوب، والمَرْأةُ مَرْكُوبَةٌ إِذا غشِيَتْ، فكأنَّه إذا قال: أَنْت عليَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أَرادَ: رُكُوبُك للنِّكّاَح عليَّ حَرَامٌ. معجم لغة الفقهاء ١/ ٣٥٤، تاج العروس ١٢/ ٤٩١.
(٢) قال القرطبي في التفسير ١٧/ ٢٧٣: أجمع الفقهاء على أن من قال لزوجته: أنت علي كظهر أمي أنه مظاهر، وأكثرهم على أنه إن قال لها: أنت علي كظهر ابنتي أو أختي أو غير ذلك من ذوات المحارم أنه مظاهر، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وغيرهما.
(٣) لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [المجادلة: ٣ - ٤]. أي على ترتيب كفارة المجامع في رمضان.
(٤) والمقصود بمد هشام الذي يذكره مالك ؛ هو نسبة إلى هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي، وكان عاملًا على المدينة لعبد الملك بن مروان، وهو المُد الأكبر حيث يقدر بمدٍّ وثلثان من مده "المد الأصغر".

<<  <   >  >>