فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: ٤] ومن السنة قوله ﷺ: "تهادوا تحابوا". والهدية هي الهبة، وقبوله ﷺ هدية المقوقس وهو كافر، كما قبل هدية النجاشي وهو مسلم وتصرف بها وهداه أيضا دليل قاطع على ما نقول. وأما الإجماع فقد انعقد على جوازها ومشروعيتها، بل على استحبابها بجميع أنواعها، لما فيها من التعاون على البر والتقوى وإشاعة الحب والتواد بين الناس. انظر بتصرف: المصدر السابق. (٢) ورد في هذا حديث أخرجه الدارقطني ٣/ ٤٣، وغيره من حديث عمر بن الخطاب؛ ولفظه: "من وهب هبة فهو أحق بها ما لم يثب منها". قلتُ: وهذا الحديث لم يصح مرفوعًا عن النبي ﷺ بل قال البيهقي: فهو وهم والمحفوظ عن عمر موقوفًا. وقال الدارقطني بعد أن روى الحديث: لا يثبت هذا مرفوعًا والصواب عن بن عمر عن عمر موقوفًا، كما نقل البيهقي ٧/ ١٨١، عن البخاري أنه قال: هذا أصح. أي موقوفًا. والله أعلم. أضف إلى ما سبق أنه مخالف لقوله ﷺ: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه. متفق عليه. (٣) تفسير القرطبي ١٤/ ٣٧، وفي الموطأ ٢/ ٧٥٤، قال يحيى: سمعت مالكًا يقول الأمر المجتمع عليه عندنا أن الهبة إذا تغيرت عند الموهوب له للثواب بزيادة أو نقصان فإن على الموهوب له أن يعطي صاحبها قيمتها يوم قبضها.