(٢) وهذه المسألة -التَّرتيب بين الصلوات المنسيات أو الفوائت- مختلف فيها بين العلماء. أمَّا الإِمام مالك ﵀ فذهب إِلى أَن التَّرتيب واجب فيها في الخمس الصلوات فما دونها، وأنَّه يبدأ بالمنسية وإِن فات وقت الحاضرة، حتَّى أنَّه قال: إِن ذكر المنسية وهو في الحاضرة فسدت الحاضرة عليه. كما ذكره المصنِّف هنا، وذكر نحوه ابن رشد الحفيد عن مالك. بمعنى من نسي خمس صلوات أو ما دونهن، ثمَّ ذكر ذلك في وقت صلاة أخرى، بدأ بالمنسيات، فصلاهن، وإِن خرج وقت الحاضرة، ثمَّ صلَّى الصَّلاة الَّتي حضر وقتها، وإِن كان ما نسيه ست صلوات فما فوقهن ثمَّ ذكر ذلك في وقت صلاة أخرى، بدأ بالصلاة الحاضرة، فصلاها في وقتها، ثمَّ صلَّى المنسيات بعدها، ولو نسي صلاتين مرتبتين ظهرًا وعصرًا، فنسي فبدأ بالعصر قبل الظهر، لم تكن عليه إِعادة، لأنَّ التَّرتيب واجب مع الذكر، ساقط مع النسيان، وبمثل ذلك قال أبو حنيفة والثَّوْريِّ: إِلَّا أنَّهم رأوا التَّرتيب واجبًا مع اتساع وقت الحاضرة، اْي في الصورة الأولى، واتفق هؤلاء جميعًا على سقوط وجوب التَّرتيب مع النسيان. انظر: التفريع ١/ ٢٥٣، بداية المجتهد ١/ ١٨٣ - ١٨٤، بدائع الصنائع ١/ ١٣١، وقد ثَبْت عن جابر بن عبد الله: أَن عمر بن الخَطَّاب جاء يوم الخندق بعدما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش قال: يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتَّى كادت الشمس تغرب، قال النبي ﷺ: والله ما صليتها. قال: فقمنا إِلى بطحان فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها فصلى الظهر بعدما غربت الشمس ثمَّ صلَّى بعدها المَغْرِب. أخرجه البخاري ٥٧١، ومسلم ٦٣١. (٣) أي: إِذا كان وقت الحاضرة ضيقًا بحيث لا يتسع لها وللفائتة، وأمَّا إِن كان الوقت متسعًا بطلت الحاضرة حتَّى يصلي الفائتة ثمَّ يصليها، ذكر ذلك الرَّافِعِي في شرح الوجيز ٣/ ٥٢٦.