للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: موضوع الكتاب وقيمته العلمية]

أما موضوع الكتاب فلا يخفى أنه كتاب مختصر في المسائل الفقهية، إلا أنه من المفيد إلقاء الضوء على أهم التطورات التي مرت بالكتاب إلى أن استوى على سوقه، فنقول: لما ألَّف ابن عبد الحكم كتابه المختصر الصغير؛ كان مقتصرًا على مذهب شيخه الإمام مالك بن أنس على ما في الموطأ، وهذا أمرٌ معروف ومشهور، ويوضح ذلك كلام القاضي عياض حيث قال: " … والمختصر الكبير يقال إنه نحا به اختصار كتب أشهب، والمختصر الأوسط والمختصر الأصغر، فالمختصر الأصغر؛ قصره على علم الموطأ. والمختصر الأوسط، صنفان … " (١) إلخ.

فهذا واضح من كلام القاضي ، ويوضحه أكثر قول الطحاوي إذ قال: "وقد دخل مالك بن أنس في هذا المعنى، فذكر عنه عبد الله ابن عبد الحكم في مختصره الصغير الذي ألفه على قوله، وكتبناه عمن حدثناه عنه قال: وإذا أسلم النصراني … " (٢).

ثم تلقى هذا المختصر بعد ذلك؛ تلاميذه -وعلى رأسهم أبناؤه- فتدارسوه وتداولوه فيما بينهم إلى أن ذاع صيته في الآفاق واشتهر بين القريب والبعيد.

قال ابن عبد البر: ثم روى -أي ابنُ عبد الحكم- عن ابن وهب وابن القاسم وأشهب كثيرًا مِنْ رأي مالك الذى سمعوه منه، وصنف كتابًا اختصر فيه تلك الأسمعة بألفاظ مُقَرَّبة، ثم اختصر من ذلك الكتاب كتابًا


(١) انظر: ترتيب المدارك ١/ ٣٠٥، جمهرة تراجم فقهاء المالكية ٢/ ٧٢٠ - ٧٢١.
(٢) انظر: شرح مشكل الآثار ١١/ ٤٤٦.

<<  <   >  >>