للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باب غُسل الجمعة

قال ابن عبد الحكم: "غسل يوم الجمعة سنة (١) وهو الواصل بالرواح ما قبل ذلك" (٢).


= ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ﴾ فقال غير واحد من العلماء: "مِن حيث أمركم الله" أي أن يعتزلوهن في حال الحيض، والمباح منها بعد أن تطهرن؛ هو الممنوع منها قبل الطهارة، وهو الفرج حيث إنه محرم في حال الحيض بالكتاب والسنة والإجماع، وسائر البدن على الإباحة التي كانت قبل الحيض، وهذا من حيث الدليل. وأما من حيث الأحوط: فالقول بالمنع وجيه أيضًا، وذلك سدًّا للذريعة، لما كان الحوم حول الحمى مظنة للوقوع فيه، لما ثبت في الصحيحين: البخاري ١٩٤٦، ومسلم (٤١٧٨) من حديث النعمان بن بشير عن النبي أنه قال: "ومن يَرْتَعْ حول الحمى يوشك أن يواقعه" ولما ثبت في حديث عائشة السابق وهو في الصحيحين أيضًا وفي آخره؛ قالت: وأيكم يملك إربه كما كان النبي يملك إربه. والله أعلم.
(١) الاستذكار ٢/ ١٥، نقله ابن وهب عن مالك، الخرشي على مختصل خليل ٢/ ٨٥، منح الجليل ١/ ١٤١، لما رواه البخاري ٨٥٤، ومسلم ٨٤٥، عن ابن عمر أن رسول الله قال: من جاء منكم الجمعة فليغتسل.
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم". رواه مالك في الموطأ ٢٣٠، والبخاري ٨٢٠، ومسلم ٨٤٦، فظاهر الآثار المروية في غسل الجمعة والتي منها ما ذكرنا تدل على وجوب الغسل، إلا أنه ثبت عن سمرة بن جندب أنه قال: قال رسول الله : من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل. رواه الترمذي ٤٩٧، وصححه الألباني وحسنه الشيخ شعيب الأرنؤوط، فتبين بذلك أن غسل الجمعة سنة وفضيلة لا واجب وفريضة، وهذا مذهب جمهور العلماء من الأئمة الأربعة وغيرهم، وحكاه القاضي عياض عن عامة الفقهاء وأئمة الأمصار، بل نقل ابن عبد البر الإجماع على ذلك فقال: أجمع علماء المسلمين قديمًا وحديثًا على أن غسل الجمعة ليس بفرض، إلا طائفة من أهل الظاهر قالوا بوجوبه وشددوا في ذلك. انظر: التمهيد ١٠/ ٧٩ - ١٤/ ١٥١.
(٢) أي إنَّ الغسل لا يكون للجمعة إلا عند الرواح إليها متصلًا بالرواح، التمهيد =

<<  <   >  >>