وروى مالك في الموطأ ١/ ٥٧ عن زيد بن أسلم أن رجلًا سأل رسول الله ﷺ فقال: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض فقال رسول الله ﷺ: "لتشد عليها إزارها ثم شأنك بأعلاها". وهذا سند منقطع أو مرسل، فإن زيد بن أسلم معروف بكثرة الإرسال عن الصحابة وهو من طبقة الوسطى من التابعين، ولا يعرف شيخه هنا. انظر جامع التحصيل ص ١٧٨. وعن ميمونة قالت: كان رسول الله ﷺ يباشر نساءه فوق الإزار وهن حيض. رواه مسلم ٧٠٧. فاستدل الجمهور بهذه الأحاديث على عدم جواز الاستمتاع بما تحت الإزار، وهو ما بين السرة والركبة، إذ المذكور فيها فقط ما فوق الإزار. بينما استدل الحنابلة ومن وافقهم بأدلة أيضًا؛ منها قوله تعالى: ﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ [البقرة: ٢٢٢] والمحيض اسم لمكان الحيض كالمقيل والمبيت، فتخصيص موضع الدم بالاعتزال دليل على إباحة ما عداه؛ كما حملوا قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى﴾ على أن معنى "المحيض" هنا مكان الدم. بدليل أمرين أحدهما: أنه لو أراد الحيض لكان أمرًا باعتزال النساء في مدة الحيض بالكلية والإجماع بخلافه، والثاني أن سبب نزول الآية كما في حديث أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة اعتزلوها فلم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيت: فسُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ فنزلت هذه الآية فقال النبي ﷺ: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح". رواه مسلم في صحيحه ٧٢٠. ثم أجابوا عن حديث عائشة وميمونة بأنه دليل على حل ما فوق الإزار، لا على تحريم غيره؛ ولأنه مُنعَ الوطء لأجل الأذى فاختص مكانه كالدبر، وأن ما ذكروه من حديث أنس في سبب نزول الآية منطوق، وهو أولى من المفهوم. والذي يترجح لدي: هو المذهب الثاني (مذهب الحنابلة) لقوة دليله، فإنه غير جائز تحريم غير الفرج إلا بدليل ولا دليل مع من منع ذلك. فإن الله تعالى قال: ............................................................................... =