والذي لا يعتبر القصود يعترف بهذا العقد ولا يبطله إلا إذا نص العاقدان في صلب العقد على أنه بيع صوري، ولا يعتبر القصد ولا الاتفاق السابق على العقد، لأن المؤثر في العقد إنما هو الشرط المقارن.
ومن الفروع أيضًا عقد التحليل، فإذا اتفق العاقدان في النكاح على أن العقد هو عقد تحليل، لا نكاح رغبة، وأنه متى دخل بها طلقها، أو فهي طالق، أو أنها متى اعترفت بأنه وصل إليها فهي طالق، ثم يعقد العاقدان عقدهما مطلقًا عن هذه الشروط، فإن هذا العقد حينئذٍ باطل عند من يعتبر القصود، ولا تحل به الزوجة الأولى للأول. أما عند أبي حنيفة والشافعي فهو نكاح صحيح، مع الإثم (١).
وقد حاول ابن القيم أن يفصل في الخلاف بين المعتبرين للقصود، والملغين لها، فذكر أن الألفاظ موضوعة للدلالة على ما في النفس، وأن الأحكام متجهة إلى المقاصد التي تعبر عن الألفاظ، وليست متجهة إلى مجرد ما في النفس من غير دلالة لفظ أو فعل، كما أنها ليست متجة إلى مجرد اللفظ الذي لم يقصد المتكلم به معناه. فإذا اجتمع القصد والدلالة القولية أو الفعلية، ترتب الحكم.
وبناء على هذا، قسم ابن القيم الألفاظ ثلاثة أقسام: بالنسبة إلى مقاصد المتكلمين ونياتهم وإراداتهم لمعانيها:
- القسم الأول: أن تظهر مطابقة القصد للفظ. وللظهور مراتب، تنتهي إلى اليقين والقطع بمراد المتكلم، بحسب الكلام في نفسه، وما يقترن به من القرائن الحالية واللفظية، وحال المتكلم به وغير ذلك.
(١) انظر " بداية المجتهد ": ٢/ ٤٨؛ و" إعلام الموقعين ": ٣/ ٥٣، ٥٩ حيث هاجم ابن القيم هذا العقد، وناقش من يضعف حديث «لَعَنَ الْمُحَلِّلَ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ»، و" الموافقات ": ٢/ ٢٧١، ٢٧٣.