رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أطعمه الله طعامًا؛ فليقل: اللهمّ، بارك لنا فيه، وأطعمنا خيرًا منه، ومن سقاه الله - عَزَّ وَجَلَّ - لبنًا؛ فليقل: اللهمّ، بارك لنا فيه، وزدنا منه؛ فإنه ليس شيء يجزىء من الطعام والشراب غير اللّبن".
ــ
قلت: وهو كما قال، وهذه علَّةً ثالثة تقدح في صحة هذه المتابعة.
وأخرجه أبو عبد الله بن مروان القرشي في "الفوائد" (٢٥/ ١١٣/ ٢)؛ كما في "الصحيحة" (٥/ ٤١١): حدثنا محمد بن إسحاق بن الحويص: ثنا هشام بن عمار: حدثنا ابن عياش: حدثنا ابن جريج، قال: وابن زياد، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عتبة به.
قلت: ابن زياد هذا لم يأت معرفًا في الإسناد، وعندي أن الذين روى عنهم إسماعيل بن عياش واسمه ابن زياد ثلاثة؛ ذكرهم المزي في "تهذيب الكمال":
الأول: عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان المخزومي -وهذا مما فات شيخنا (رحمه الله) - فلم يذكره ضمن من روى عن إسماعيل واسمه ابن زيادة فليستدرك.
الثاني: عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقى.
الثالث: محمد بن زياد الألهاني.
والراجح عندي: أنه الأول؛ فإنه الوحيد من بين الثلاثة الذي يروي عن الزهري، بخلاف الثاني، والثالث، فإنهم لم يذكروا في ترجمتهما أنهما رويا عن الزهري.
وإذا كان الأمر كذلك، فإن عبد الله بن زياد بن سمعان هذا متروك الحديث؛ بل كذبه أبو داود وغيره؛ كما في "التقريب".
وحينئذ لا يصلح هذا متابعًا لابن جريج؛ لأن هذا مدلس وقد عنعن ولعله تلقّاه من هذا المتروك المتهم فأسقطه ورواه عن الزهري مباشرة.
وهذا مما لم يتطرق له شيخنا - رحمه الله - في "الصحيحة" (٥/ ٤١٢) أبدًا؛ فليراجع.
على أنه لو لم يترجح لدينا أيهم الراوي من بين الثلاثة، فالاحتمال قائم، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال، وحينئذ لا يصلح في المتابعات والشواهد؛ كما هو ظاهر.
سلمنا أن ابن زياد هذا هو محمد بن زياد الألهاني -وهو ثقة- ومع ذلك؛ فإن هذا لا ينفع ولا يصلح؛ فإنه خالف ما رواه أصحاب الزهري -وهم ثقات حفاظ أثبات فيه، وهم جمع- خالفوه في إسناده ومتنه، كما تقدم، فالقول قولهم بلا ريب.
وعندئذ نقول: لا يحتمل مخالفة الثقة لهؤلاء الجمع من الحفاظ الذين رووه عن الزهري هكذا؛ فكيف إذا كان مشكوكًا في عدالته وحاله؟!.
وبالجملة، فالحديث ضعيف؛ والله أعلم.