الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السّماء وهو السّميع العليم؛
ــ
والحاكم (١/ ٥١٤)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (١/ ١٨/ ٢)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (١/ ٤٣٤/ ٣١٠)، وابن حجر في "نتائج الأفكار" (٢/ ٣٤٧) بطرق عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن أبان بن عثمان عن أبيه به.
قال الدارقطني في "العلل" (٣/ ٩): "وهذا متصل، وهو أحسنها إسنادًا".
وقال الحافظ: "هذا حديث حسن صحيح".
قلت: وهو كما قالا، أما ما أخرجه ابن أبي حاتم في "المراسيل" (ص ٢٣) عن أحمد بن حنبل من أن أبان بن عثمان لم يسمع من أبيه شيئًا، فمردود بما يأتي:
١ - في هذا الحديث تصريح بسماعه.
٢ - أخرج البخاري في "التاريخ الكبير" (١/ ٤٥١)، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (١/ ٦٤٣) من طريقين عن ابن وهب عن مالك حدثني عبد الله بن أبي بكر: أن أبا بكر -هو ابن محمد بن عمرو بن حزم- كان يتعلم من أبان بن عثمان.
فقال مالك: "وكان أبان علم أشياء من القضاء من أبيه عثمان".
قلت: وهذا إسناده صحيح كالشمس، وفيه إثبات سماع أبان من أبيه عثمان بن عفان - رضي الله عنه -.
٣ - قال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (١/ ٩٧): "حديثه في صحيح مسلم مصرح بالسماع من أبيه".
قلت: يشير إلى ما أخرجه مسلم (٢/ ١٠٣٠ /١٤٠٩): حدثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك عن نافع عن نبيه بن وهب أن عمر بن عبيد الله أراد أن يزوج طلحة بن عمر بنت شيبة بن جبيرة فأرسل إلى أبان بن عثمان يحضر ذلك وهو أمير الحج، فقال أبان: سمعت عثمان بن عفان يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب".
قلت: ثبت سماعه من أبيه في الحديث المذكور من طرق شتى، وبذلك؛ فقد صح سماع أبان من أبيه عثمان، ولله الحمد من قبل ومن بعد.
وأما ما أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (١٧ و ١٨) بأنه موقوف على أبان؛ فلا تعارض بين وقفه ورفعه، فكأن أبان كان ينشط فيرفعه تارة، ولا يرفعه أخرى.
لطيفة وعبرة: جاء في نهاية هذا الحديث ما يأتي: "وكان أبان قد أصابه فالج؛ فجعل الرجل الذي سمع منه الحديث ينظر إليه، فقال له: ما لك تنظر إلي؟! فوالله ما كذبت على عثمان، ولا كذب عثمان على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن اليوم الذي أصابني فيه ما أصابني غضبت؛ فنسيت أن أقولها".
قلت: وفي ذلك عبر، منها:
١ - الغضب آفة تحول بين المرء وعقله.