للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عندي، فلما حضر عنده قال له: يا عدوّ الله، ألم أحسن إليك؟ قال: بلى، قال فما حملك على هذا؟ قال: شحذته أربعين صباحا، وسألت الله أن يقتل به شرّ خلقه، فقال أمير المؤمنين «لا أراك إلا مقتولا به، ولا أراك إلا من شرّ خلق الله» ثم قال عليه السّلام: «النّفس بالنّفس إن هلكت فاقتلوه كما قتلني، وإن بقيت رأيت فيه رأيي. يا بني عبد المطّلب: لا تجمّعوا من كل صوب تقولون: قتل أمير المؤمنين. ألا لا يقتلن بي إلا قاتلي» ثم التفت إلى ابنه الحسن- عليه السّلام وقال: «انظر يا حسن إذا أنا متّ من ضربتي هذه فاضربه ضربة بضربة، ولا تمثّلن بالرّجل، فإنّي سمعت رسول الله- صلوات الله عليه- يقول: «إياكم والمثلة [١] ولو بالكلب العقور [٢] » . ثمّ وصّى بنيه بتقوى الله تعالى وبإقامة الصلاة لوقتها. وإيتاء الزكاة عند محلّها، وحسن الوضوء، وغفر الذنب وكظم الغيظ، وصلة الرحم، والحلم عن الجاهل، والتفقّه في الدين، والتثبّت للأمر والتعاهد للقرآن، وحسن الجوار، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجتناب الفواحش. ثم كتب وصيّته ولم ينطق إلا بلا إله إلا الله حتّى قبض- صلوات الله عليه وسلامه- فلما قبض بعث الحسن- عليه السّلام- إلى ابن ملجم فأحضره، فقال للحسن: هل لك في أمر؟ إنّي والله قد أعطيت الله عهدا ألا أعاهد عهدا إلا وفيت به. وإني عاهدت الله عند الحطيم [٣] أن أقتل عليّا ومعاوية أو أموت دونهما. فخلّ بيني وبين معاوية حتّى أمضي وأقتله ولك عهد الله على أنّي إن لم أقتله أو قتلته وسلمت، أن أجيء إليك حتّى أضع يدي في يدك» فقال الحسن: لا والله حتّى تذوق النار. ثم قدّمه فقتله، وأخذه الناس فأدرجوه [٤] في بواري [٥] وأحرقوه بالنار.


[١] المثلة: التنكيل والتعذيب في إنفاذ القتل.
[٢] العقور: صفة للكلب الهائج المؤذي، العضّاض.
[٣] الحطيم: موقع بجوار الكعبة.
[٤] أدرجوه: لفّوه.
[٥] البوارئ: الأستار، قد تكون من عيدان وقصب.

<<  <   >  >>