وقبض عليه المعتمد وحبسه وعاقبه، ثمّ قتله في محبسه واصطفى أمواله.
واعلم أنّ هؤلاء وزراء المعتمد كالحسن بن مخلّد، وسليمان بن وهب، وأبي الصّقر بن بلبل، تولّوا الوزارة وعزلوا مرارا مرّتين وثلاثة.
وزارة أحمد بن صالح بن شيرزاد القطربّلي للمعتمد
استوزره الموفّق لأخيه المعتمد، وكان أحمد كاتبا بليغا، فاضلا عارفا بما يلزم مثله معرفته، مجيدا في النّظم والنثر، وصف أحمد امرأة كاتبة، فقال: كأن خطّها حسن صورتها، وكأنّ مدادها سواد شعرها، وكأن قرطاسها أديم وجهها، وكأنّ قلمها بعض أناملها، ومكث أحمد بن شيرزاد في وزارته نحوا من شهر، ثم مرض ومات وذلك في سنة ستّ وستّين ومائتين.
[وزارة عبيد الله بن سليمان بن وهب للمعتمد]
كان عبيد الله بن سليمان من كبار الوزراء ومشايخ الكتّاب، وكان بارعا في صناعته، حاذقا ماهرا، لبيبا جليلا، ماتت للمعتضد جارية كان يحبّها فجزع عليها فقال له عبيد الله بن سليمان: مثلك يا أمير المؤمنين تهون المصائب عليه، لأنك تجد من كلّ مفقود عوضا، ولا يجد أحد منك عوضا، وكأن الشّاعر عناك بقوله:
يبكى علينا ولا نبكي على أحد ... لنحن أغلظ أكبادا من الإبل
(بسيط) وفي عبيد الله بن سليمان يقول الشّاعر:
إذا أبو قاسم جادت يداه لنا ... لم يحمد الأجودان: البحر والمطر
وإن مضى رأيه أو حدّ عزمته ... تأخّر الماضيان: السّيف والقدر
وإن أضاءت لنا أضواء غرّته ... تضاءل النيّران: الشّمس والقمر
من لم يبت حذرا من حد صولته [١] ... لم يدر ما المزعجان: الخوف والحذر
[١] من صولته: سقطت من الطبعة عزّ كلمة (حدّ) . انظر الشطر في طبعة بيروت ص/ ٢٥٥/ وفي ألما ص/ ٣٠١/ وفي رحما ص/ ١٨٨/.