للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دسته [١] ، ما كأنّ وقع عليه شيء، ثمّ أمر المماليك بقتلها فقتلت بين يديه.

وفي الجملة، فكان ابن هبيرة من أفاضل الوزراء وأعيانهم وأجدّهم، له في تدبير الدولة وضبط المملكة اليد الطّولى، وله في العلوم والتصانيف التبريز [٢] على أهل عصره وله أشعار كثيرة، فمنها:

يقين الفتى يزري [٣] بحالة حرصه ... فقوّة ذا عن ضعف ذا تتحصّل

إذا قلّ مال المرء قلّ صديقه ... وقبّح منه كلّ ما كان يجمل

(طويل) وفي آخر أيامه عرض له تزايد البلغم فمات وهو ساجد، وذلك في سنة ستين وخمسمائة.

انقضت أيام المقتفي لأمر الله ووزرائه.

ثمّ ملك بعده المستنجد باللَّه المظفّر يوسف

بويع عقب موت أبيه في سنة خمس وخمسين وخمسمائة.

كان المستنجد شهما عارفا بالأمور، لما ولي الخلافة أزال المكوس والمظالم، إلا أنّه فعل قبيحة: حلّ المقاطعات وأعادها إلى الخراج، فشقّ ذلك على العلويّين بالكوفة والمشاهد مشقة عظيمة، ونسبوا هذا الفعل إلى ابن هبيرة ولعنوه بالمشاهد.

وفي أيّامه ابتدأ فتح مصر وضعفت دولة الفاطميين بها، وفي أيّام ولده المستضيء تكامل فتحها على يد صلاح الدين يوسف بن أيّوب.

ومات المستنجد مخنوقا في الحمّام، وخنقه أكابر دولته عقيب مرضة صعبة كانت قد عرضت له لأنّهم خافوه على أنفسهم، وذلك في سنة ستّ وستين وخمسمائة.


[١] الدّست: صدر المجلس.
[٢] التّبريز: التّفوّق.
[٣] يزري: يحطّ به وتنقص قيمته.

<<  <   >  >>