للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما قطع الراضي يد ابن مقلة كتب باليسار مثلما كان يكتب باليمين، ثم شدّ على يده المقطوعة قلما وكتب بها، فلم يفرّق بين خطّه قبل قطعها وبعده.

ومن الاتفاقات العجيبة أنّه تولى الوزارة ثلاث دفعات، وسافر ثلاث دفعات ودفن ثلاث دفعات: دفن بدار الخليفة لما قتل، بها وذلك بعد قطع يده بمديدة [١] ثم سأل أهله تسليمه إليهم فدفنوه، ثم طلبته زوجته فنبشته ودفنته بدارها.

[وزارة أبي القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد للمقتدر]

لم يكن له سيرة تؤثر وتروى، ولم يكن من ذوي اللبّ، وإنما نال ما نال بالجدّ والبخت.

قيل: إنه دخل مرّة على القاسم بن عبيد الله وزير المعتضد والمكتفي، فرحّب به الوزير، وأقبل عليه بوجهه وأكرمه إكراما خارجا عن العادة لأمثاله، فسئل الوزير عن سبب ذلك فقال: رأيت في منامي كأنّ على رأسي قلنسوة وقد أخذها هذا وجعلها على رأسه، ولا بدّ أن هذا الفتى يلي الوزارة، فكان كما قال:

ولم تحمد سيرته في وزارته.

وكان المقتدر لمّا عزل ابن مقلة استشار عليّ بن عيسى بن الجرّاح فيمن يستوزره فأشار عليه بهذا، فاستوزره في سنة ثماني عشرة وثلاثمائة، ثم قبض عليه واستوزر الكلوذاني.

وزارة أبي القاسم عبيد الله بن محمّد الكلوذانيّ للمقتدر

لم تطل أيّامه، ولم يتمكّن ممّا أراد، وكثرت المصادرات في أيّامه، وشغب الجند عليه وشتموه ورجموه وهو في السّفينة، فحلف أنه لا يدخل بعد ذلك في الوزارة وانقطع بداره وأغلق بابه، فكانت وزارته مدّة شهرين.


[١] مديدة: مدّة قصيرة.

<<  <   >  >>