للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعسكر، فهجم جماعة من الباطنيّة على المسترشد فضربوه بالسّكاكين في مخيّمه بقرية بينها وبين مراغة فرسخ واحد وقتلوا معه جماعة من أصحابه وحين علم مسعود بذلك ركب منزعجا مظهرا للجزع وأخذ القوم فقتلهم، ثمّ نقل المسترشد على رءوس العلماء والأمراء إلى مراغة فدفن بها وقبره الآن بها معروف تحت قبّة حسنة، رأيتها عند وصولي إلى مراغة في سنة سبع وتسعين وستمائة.

واختلف الناس عند قتل المسترشد في سبب قتله، فقال قوم: إن مسعودا لم يعلم بذلك ولا رضي به. وقال قوم: بل مسعود هو الّذي واطأ الباطنيّة على قتله وأمرهم بذلك، لأنه خافه حيث قويت نفسه على جمع الجموع وجرّ الجيوش، ولم يمكنه قتله ظاهرا، ففعل ما فعل من الإحسان إليه ظاهرا ثمّ إنّه أخرج جماعة من أهل الجرائم فقتلهم وأوهم الناس أنّه قد قتل قتلته، ثم أطلقهم سرّا، وذلك في سنة تسع وعشرين وخمسمائة.

شرح حال الوزارة في أيّامه

من أفاضل وزرائه أبو عليّ الحسن بن عليّ بن صدقة، كان فاضلا نحريرا عالما بقوانين الرّئاسة خيّرا، استوزره المسترشد سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، ولقّبه بجلال الدين سيّد الوزراء صدر الشرق والغرب ظهير أمير المؤمنين، كانت له معرفة بالحساب وأعمال السّواد، غير أنه لا ينسب إليه شيء من الكرم.

ثم إنّ المسترشد قبض عليه وعزله عن الوزارة، ولم يكن ذلك عن إرادة من المسترشد، وإنّما دعته الضرورة إلى القبض عليه، لأنّ وزير السّلطان كان يتعصّب عليه.

ثمّ بعد ذلك بمديدة زال المانع، فأعاده المسترشد إلى وزارته، وخلع عليه خلع الوزارة وتقدّم إلى أرباب الدولة بالسّعي بين يديه إلى الديوان، وهو أوّل وزير مشى أرباب الدولة بين يديه رجّالة [١] .


[١] رجّالة: ماشين على أرجلهم.

<<  <   >  >>