للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر السّبب في فعل المنصور ما فعل ببني الحسن عليهم السلام

كان بنو هاشم الطالبيّون والعبّاسيّون قد اجتمعوا في ذيل [١] دولة بني أميّة وتذكروا حالهم وما هم عليه من الاضطهاد، وما قد آل إليه أمر بني أميّة من الاضطراب وميل الناس إليهم ومحبتهم لأن تكون لهم دعوة ثم قالوا لا بدّ لنا من رئيس نبايعه. واتّفقوا على أن يدعوا الناس سرا ثم قالوا: لا بدّ لنا من رئيس نبايعه فاتفقوا على مبايعة «النفس الزكيّة» محمّد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب- عليهم السلام- وكان من سادات بني هاشم ورجالهم، فضلا وشرفا وعلما. وكان هذا المجلس قد حضره أعيان بني هاشم علويّهم وعباسيّهم، فحضره من أعيان الطالبيّين- الصّادق جعفر بن محمد- عليهما السّلام- وعبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب، وابناه محمّد «النفس الزكيّة» وإبراهيم قتيل باخمرى [٢] ، وجماعة من الطالبيّين. ومن أعيان العبّاسيّين- السفّاح والمنصور، وغيرهما من آل العبّاس فاتّفق الجميع على مبايعة «النفس الزكية» إلا الإمام جعفر بن محمّد الصادق، فإنه قال لأبيه عبد الله المحض: إنّ ابنك لا ينالها- يعني الخلافة- ولن ينالها إلا صاحب القباء [٣] الأصفر- يعني المنصور وكان على المنصور حينئذ قباء أصفر. قال المنصور فرتّبت العمال في نفسي من تلك السّاعة. ثمّ اتّفقوا على مبايعة النفس الزكيّة فبايعوه ثم ضرب الدّهر ضربه، وانتقل الملك إلى بني العبّاس كما تقدّم شرحه، ثم انتقل من السفّاح إلى المنصور فلم يكن له همّة سوى طلب «النفس الزكية» ليقتله أو ليخلعه. وأغراه بذلك أنّ الناس كانوا شديدي الميل إلى النفس الزكيّة، وكانوا يعتقدون فيه الفضل والشّرف والرّئاسة فطلبه المنصور من أبيه عبد الله المحض- وكان عبد الله المحض من رجال بني هاشم وساداتهم- فألزمه المنصور بإحضار ابنيه محمّد النفس الزكيّة


[١] ذيل الدولة: أواخر أيّامها.
[٢] باخمرى: قرية قريبة من الكوفة، قتل فيها إبراهيم بن عبد الله بن الحسن الطالبيّ.
[٣] القباء: الثوب يرتدى فوق غيره من الثياب.

<<  <   >  >>