للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يزل أمره في الوزارة الثانية جاريا على السّداد حتّى كان آخر مدّته، فطلب من الخليفة الأذن له في الحج فأذن له، فتجهّز تجهّزا لم ير مثله، ثم عبر إلى الجانب الغربيّ من مدينة السّلام ليتوجّه إلى الحلّة والكوفة، ومنها إلى مكّة، وبين يديه جميع أرباب الدّولة، فلقيه رجل عند محلّة هناك تعرف بقطفتا، فقال:

يا مولانا مظلوم مظلوم وناوله قصة، فتناولها الوزير منه، فوثب عليه وثبة عالية وضربه بسكّين في ترقوته [١] ووثب عليه آخر من الجانب الآخر فضربه في خاصرته، ووثب آخر وبيده سكين مسلولة فلم يصل إليه، وتكاثرت النّاس على الثلاثة فقتلوهم، ثمّ مات الوزير وصلّي عليه ودفن في تربتهم، وقيل: إنّ الثلاثة الذين قتلوه كانوا من الباطنيّة من جبل السّماق.

وحكى بعض أهل قطفتا قال: دخلت قبل قتل الوزير بساعتين إلى مسجد هناك فرأيت به ثلاثة رجال وقد قدّموا واحدا منهم إلى المحراب وأناموه ثم صلّى الرّجلان الآخران عليه صلاة الميت، ثمّ قام ونام آخر وصلّى الآخران عليه، حتّى صلّى كلّ واحد منهم على الآخر، وأنا أراهم وهم لا يرونني فعجبت ممّا فعلوا، ثمّ لمّا قتل الوزير وقتل الثلاثة، تأمّلت وجوههم فإذا هم هم.

وزارة ظهير الدّين أبي بكر منصور بن أبي القاسم نصر بن العطّار

كان تاجرا في ابتداء أمره، ثمّ مازج المتصرّفين ونفق على المستضيء فاستوزره وكان ثقيل الوطأة على الرعيّة، وكانت العامّة تبغضه، فبقي إلى أن مات المستضيء وولي الناصر، وهو آخر وزراء المستضيء.

انقضت أيّام المستضيء ووزرائه.


[١] التّرقوة: العظم الّذي في أعلى الصدر بين ثغرة النّحر والعاتق.

<<  <   >  >>