كان القاسم بن عبيد الله من دهاة العالم ومن أفاضل الوزراء، وكان شهما فاضلا لبيبا محصّلا، كريما مهيبا جبّارا، وكان يطعن في دينه، وهو الّذي قتل ابن الروميّ بالسمّ، وكان ابن الروميّ منقطعا إليهم يمدحهم، وكانوا يقصّرون في حقّه في بعض الأوقات فهجاهم، وكان هجّاء، وفي بني وهب يقول ابن المعتزّ:
لآل سليمان بن وهب صنائع ... لديّ ومعروف إليّ تقدّما
هم ذلّلوا لي الدّهر بعد شماسه ... وهم غسلوا من ثوب والدي الدّما
(طويل) ومات المعتضد وهو وزيره.
انقضت أيّام المعتضد ووزرائه.
ثمّ ملك بعده ابنه المكتفي باللَّه
هو أبو محمّد عليّ بن المعتضد، بويع في سنة تسع وثمانين ومائتين.
كان المكتفي من أفاضل الخلفاء، هو الّذي بنى المسجد الجامع بالرّحبة ببغداد وفي أيّام المكتفي ظهر القرامطة، وهم قوم من الخوارج، خرجوا وقطعوا الدّرب على الحاجّ واستأصلوا شأفتهم، وقتلوا فيهم مقتلة عظيمة، وسرّح المكتفي إليهم جيوشا كثيرة فأوقع بهم، وقتل بعض زعمائهم.
والمكتفي هو الّذي بنى التّاج بالدّار الشاطئيّة ببغداد، وكانت وفاة المكتفي سنة خمس وتسعين ومائتين.