السفّاح وتولّى المنصور الخلافة وعبد الله بن عليّ بالشأم، فطمع في الخلافة وخطب الناس وقال إنّ السفّاح ندب بني العبّاس لقتال مروان فلم ينتدب غيري، وإنّه قال لي: إن ظهرت عليه وكانت الغلبة لك، فأنت وليّ العهد بعدي، وشهد له جماعة بذلك، فبايعه الناس. ولما اتّصل الخبر بالمنصور أقامه ذلك وأقعده، فقال له أبو مسلم الخراسانيّ: إن شئت جمعت ثيابي في منطقتي وخدمتك، وإن شئت أتيت خراسان، وأمددتك بالجنود وإن شئت سرت إلى حرب عبد الله بن عليّ، فأمره بالمسير إلى حرب عبد الله، فسار أبو مسلم بعسكر كثيف فتطاول الأمد بينهما شهورا. كانت في آخرها الغلبة لعسكر أبي مسلم، فهرب عبد الله بن عليّ إلى البصرة ونزل على أخيه سليمان بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس، فشفع سليمان فيه إلى المنصور، وطلب له الأمان فآمنه المنصور، وكتب له كتابا بليغا التزم فيه بكلّ شيء. فلما جاء إليه حبسه ومات في حبسه، فقيل: إنّه بنى له بيتا وجعل أساساته ملحا، ثمّ أجرى الماء فيه فسقط البيت عليه فمات، والمنصور هو الّذي قتل أبا مسلم الخراسانيّ.
[شرح الحال في ذلك]
كان في نفس المنصور قديما حزازات [١] من أبي مسلم، وكان بينهما تباغض. وقد كان المنصور أشار على أخيه السفّاح بقتله فامتنع السفّاح وقال: كيف يكون ذلك مع حسن بلائه في دولتنا، فلما ولي المنصور الخلافة أرسل أبا مسلم إلى الشأم لحرب عمّه عبد الله بن عليّ بن العبّاس كما تقدّم شرحه، فلمّا ظفر أبو مسلم وغنم جميع ما كان في عسكر عبد الله بن عليّ، وانهزم عبد الله إلى البصرة، أرسل المنصور بعض خدمه ليحتاط على ما في العسكر من الأموال فغضب أبو مسلم وقال: أمين على الدّماء خائن في الأموال! وشتم المنصور، وكتب بعض أصحاب الأخبار بذلك إلى المنصور وعزم أبو مسلم على الخلاف وأن يتوجّه