حاجب معزّ الدولة فدعاه إلى خلع نفسه ومبايعة ولده الطّائع، ففعل ذلك وعقد الأمر لولده وخلع نفسه. ومات في سنة أربع وستين وثلاثمائة.
ثمّ ملك بعده ابنه عبد الكريم أبو بكر الطّائع لأمر الله
بويع له سنة ثلاث وستين وثلاثمائة. كان الطّائع شديد المنّة وكان قد استفحل عنده في البستان كبش جبليّ، ما جسر أحد أن يدنو منه. فخرج الطّائع إليه فحمل الكبش عليه فثبت له حتّى مكّن يديه من قرنيه، ثم استدعى نجارا وأمره بقطع قرنيه بالمنشار، فقطعهما النجّار وهما في يد الطّائع.
وفي أيامه قويت شوكة آل بويه، ووصل عضد الدولة إلى بغداد. وانتشر حكم البويهيّين. ثم قبض البويهيون على الطّائع في سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.
وبويع بعده للقادر:
انقضت أيام الطّائع للَّه.
ثمّ ملك بعده القادر أبو العبّاس أحمد ابن إسحاق بن المقتدر
بويع له سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.
كان القادر من أفاضل خلفائهم، حسن الطريقة والسّمت. كثير الخير والدّين والمعروف والعبادة. تزوّج بنت بهاء الدولة بن عضد الدولة على صداق مبلغه مائة ألف دينار. وفي أيامه تراجع وقار الدولة العبّاسيّة ونما رونقها، وأخذت أمورها في القوّة. ومكث القادر في الخلافة مدّة طويلة، ومات في سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة.