للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرح حال الوزارة في أيّامه

أوّل وزرائه كاتبه قبل الخلافة الفضل بن مروان، كان من البردان [١] ، وكان عاميّا لا علم عنده ولا معرفة، وكان رديء السّيرة جهولا بالأمور، وفيه يقول بعض شعراء عصره:

تفرعنت [٢] يا فضل بن مروان فاعتبر ... فقبلك كان الفضل والفضل والفضل

ثلاثة أملاك [٣] مضوا لسبيلهم ... أبادهم التقييد والأسر والقتل

(طويل) والثلاثة هم الفضل بن يحيى بن خالد، والفضل بن سهل، والفضل بن الربيع وكان الفضل بن مروان قد تمكّن من المعتصم وحسده الناس على منزلته عنده، ثم نكبه وأخذ جميع أمواله وعفّ عن نفسه، فبقي مدّة ينتقل في الخدمات حتّى مات في أيّام المستعين.

وزارة أحمد بن عمّار بن شاذي للمعتصم

ثمّ وزر له أحمد بن عمّار، كان رجلا موسرا من أهل المذار فانتقل إلى البصرة واشترى بها أملاكا وكثر ماله، وكان طحّانا، ثم أصعد إلى بغداد واتّسع بها حاله فقالوا كان يخرج في الصّدقة كلّ يوم مائة دينار، وكان الفضل بن مروان قد وصفه بالأمانة عند المعتصم، فلما نكب الفضل لم يقع نظر المعتصم على غير أحمد بن عمّار فاستوزره، وكان جاهلا بآداب الوزارة، وفيه يقول بعض شعراء عصره:

سبحان ربّي الخالق الباري ... صرت وزيرا يا ابن عمّار

وكنت طحّانا على بغلة ... بغير دكّان ولا دار


[١] البردان: قرية شمالي بغداد على الشاطئ الشرقيّ من دجلة، ينقل إليها السّبي، وهي دار النخاسة بالفارسيّة.
[٢] تفرعنت: تشبّهت بفرعون مصر في كفره وظلمه.
[٣] الأملاك: هنا، الملوك.

<<  <   >  >>