للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمارة تدلّ على انحراف دولتهم

حدّث بختيشوع [١] الطبيب قال: دخلت يوما على الرشيد وهو جالس في قصر الخلد من مدينة السّلام، وكان البرامكة يسكنون بحذائه من الجانب الآخر، وبينهم وبينه عرض دجلة، قال: فنظر الرّشيد فرأى اعتراك الخيول وازدحام الناس على باب يحيى بن خالد، فقال: جزى الله يحيى خيرا! تصدّى للأمور وأراحني من الكدّ، ووفّر أوقاتي على اللّذة، ثم دخلت إليه بعد أوقات وقد شرع يتغيّر عليهم، فنظر فرأى الخيول كما رآها تلك المرة فقال: استبدّ يحيى بالأمور دوني، فالخلافة على الحقيقة له وليس لي منها إلّا اسمها؟ قال: فعلمت أنّه سينكبهم ثمّ نكبهم عقيب ذلك.

شرح السّبب في نكبة البرامكة وكيفيّة الحال في ذلك

اختلف أصحاب السّير والتواريخ في السّبب في ذلك، فقيل: إنّ الرشيد ما كان يصبر عن أخته عبّاسة ولا عن جعفر بن يحيى، فقال له: أزوّجكها حتّى يحلّ لك النظر إليها، فكانا يجتمعان وهما شابّان، ثم يقوم الرّشيد عنهما ويخلوان بأنفسهما، حتّى علم الرّشيد فكان ذلك سبب نكبة البرامكة.

وقيل: كان سبب ذلك أن الرشيد كلّف جعفر بن يحيى قتل رجل من آل أبي طالب، فتحرّج جعفر من ذلك وأطلق الطالبيّ، وسعي إلى الرشيد بجعفر، فقال له ما فعل الطالبيّ؟ قال: هو في الحبس، قال الرشيد: بحياتي؟! ففطن جعفر فقال لا وحياتك، ولكن أطلقته لأني علمت أنه ليس عنده مكروه، فقال الرشيد: نعم ما فعلت! فلما قام جعفر قال الرّشيد: قتلني الله إن لم أقتلك! ثمّ نكبهم.


[١] بختيشوع: جبرائيل بختيشوع طبيب سريانيّ للرشيد والأمين. اشتهر عدد من أسرته وأولاده وأحفاده بالطبّ والمنطق.

<<  <   >  >>