كان الوزير ابن صدقة جالسا يوما في دست الوزارة فدخل عليه سديد الدّولة ابن الأنباريّ كاتب الإنشاء، وفي كمّه أبيات قد هجاه فيها الوزير، فسقطت الرّقعة من كمّه، فمدّ الوزير يده سريعا وتناولها، فكان فيها من جملة أبيات:
أنت الّذي كونه فساد ... في عالم الكون والفساد
(بسيط) فلما رآها سديد الدولة في يد الوزير سقطت قوّته خوفا وخجلا، فلمّا قرأها الوزير فطن للقصّة وصرف الهجو عن نفسه إلى سديد الدّولة، وقال: أعرف هذه الأبيات ومن جملتها:
ولقّبوه السّديد جهلا ... وهو بريء من السّداد
ونظم الوزير هذا البيت في الحال، فاستحيا السّديد بن الأنباري وأمسك عن الجواب. ولمّا عزم السّلطان سنجر على الوصول إلى بغداد وتوعّد الخليفة كتب إليه الوزير ابن صدقة- «والله لئن تحركت لأقطعنّ جميع ما وراءك عنك وأقطعك عنه ولئن سرت فرسخا لأسيرنّ فرسخين» .
ومرض الوزير أبو عليّ بن صدقة في آخر أيّامه فعاده المسترشد وأنشده:
دفعنا بك الآفات حتّى إذا أتت ... تريدك لم نسطع لها عنك مدفعا
(طويل) ولم يزل أمره يضمحلّ حتى توفّي في سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة.
وزارة الشريف أبي القاسم عليّ بن طراد الزّينبيّ
هو أبو القاسم عليّ بن طراد بن محمّد نقيب النقباء بن الحسن بن محمّد بن عبد الوهّاب بن سليمان بن عبد الله بن محمّد بن إبراهيم الإمام بن محمّد بن عليّ ابن عبد الله ابن عبّاس. وإنّما عرفوا بالزينبيّين لأن أمّهم زينب بنت سليمان بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس، عرفوا بها. كان متروّيا من المعرفة بقوانين الوزارة وأسباب الرّئاسة وهو الّذي جمع النّاس على خلع الرّاشد، وقام في خلعه وأخذ البيعة